Sunday, August 22, 2021

العدوان الإسرائيلي على منطقة السفيرة أمر عملياتٍ أمريكي - ميشيل كلاغاصي

بالأمس نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً جديداً استهدف بعض النقاط في منطقة السفيرة في جنوب شرق حلب , تصدت له وسائط الدفاع الجوي السوري وأسقطت معظم صواريخه – بحسب وكالة سانا السورية- , وتحدثت بعض المصادر الإعلامية عن استهداف معامل الدفاع ومركز البحوث العلمية.

من حيث الشكل , يأتي هذا العدوان في سياق الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة , والتي دأب قادة العدو لتبريرها تحت عناوين وروايات مزيفة تجافي الحقائق , لحرف الأنظار عن أهدافها الحقيقية منذ بداية الحرب على سوريا , والتي تستمر اليوم في عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة , استكمالاً لما بدأه الأسبق بنيامين نتنياهو.

في حين يحمل المضمون جملة متغيرات , وعدة رسائل جديدة , في مرحلة جديدة للحرب المستمرة على الدولة السورية , عنوانها الرئيسي التصعيد العسكري الشامل , ويمكن رصد بيئة التصعيد العسكري ومسبباتها المستجدة على عدة مستويات :

على مستوى الداخل السوري : وعلى رأسها تلك الإنتصارات السياسية التي حققتها الدولة السورية من خلال يوميات الإستحقاق الرئاسي ونتائجه , والفوز الكبير للرئيس بشار الأسد , وفوز الدستور والشرعية الشعبية , والإلتفاف الجماهيري اللافت للشعب السوري حول الرئيس كقائد ورمز وأمل لإستكمال النصر السوري , وللنهوض مجدداً بالبلاد تحت عنوان "العمل بالأمل" عنواناً رئيسياً للمرحلة القادمة... ناهيك عن خطاب القسم الإستراتيجي والتاريخي , الذي أكد على الثوابت السورية , والتي لم تستطع الحرب الكونية على سوريا نسفها , كما إعتمد على وضع الأساسات المتينة لتقوية الداخل , ليصب في وضع نقطة النهاية للحرب المفروضة على سوريا , بعد طرد كل الغزاة والإرهابيين.

وعلى المستوى الخارجي : والتي يمكن تلخيصها بالكثير من التغيرات الدولية تجاه سوريا , وتضاعف عدد الطارقين على أبواب دمشق من العرب وغيرهم , وسقوط وتعرية الرواية الأمريكية والتركية والإسرائيلية والإنفصالية والإرهابية , وإنكشاف حقيقة كونهم غزاة ولصوص ومخربين وقتلة , ناهيك عن النتائج الإيجابية للقاء أستانا الأخير , و"الإنجاز" في ملف تمديد المعابر الإنسانية – بحسب وصف وزير الخارجية السوري - , بالإضافة إلى مفردات وأبعاد برقية تهنئة الرئيس الصيني للرئيس الأسد , والتي تُرجمت بعد لحظات من أداء يمين القسم الدستوري , بزيارة وزير الخارجية الصيني , والإتفاقيات التي تم توقيعها.

وعلى المستوى الأمريكي : ومع تزايد الهجمات العسكرية على مواقع وقواعد وقوافل أرتال السرقات الأمريكية للقمح والنفط السوري , من قبل المقاومة السورية وقوات الحشد الشعبي , على طرفي الحدود , وتحديداً في حقل العمر ومعمل الغاز كونيكو , ولجوء الولايات المتحدة للتهديد والوعيد وبالرد لحماية جنودها ... في الوقت الذي تسعى فيه للتبريد على الجانب العراقي بالحديث عن الإنسحاب , وسعيها لتجميد الواقع العسكري على الجانب السوري ...

وبإستغلال الوقت لإستعادة الإمساك بكافة الخيوط , نتيجة فقدانها الثقة بالدور التركي , من خلال محاولة إعادة ترتيب "البيت" الإرهابي , عبر محاولة لصبغ تنظيم الجبهة وزعيمه الجولاني بثوب سياسي , وتوحيد سلاح كافة التنظيمات والمجاميع الإرهابية , وتوجيهه تحت قيادتها المباشرة لقتال الجيش العربي السوري , بعد سلسلة من المعارك البينية وفوضى الإرهاب وولاءاته التركية وغيرها .

لكن القلق الأمريكي لم يتوقف , نتيجة استمرار العمليات العسكرية للجيش العربي السوري وحليفه الروسي , في دك معاقل الإرهاب في ريف إدلب وخصوصاً على محور أريحا جبل الزاوية , لفرض التفاهم الروسي التركي المبرم منذ عام 2019 , وتطهير محور M4 واستعادة الدولة السورية السيطرة الكاملة عليه .

بالإضافة إلى الضغوط الأمريكية والجفاء الذي إعتمدته إدارة بايدن مع تركيا والرئيس التركي , بهدف إستعادة الدور التركي ووضع الحد للتقارب التركي مع موسكو , ودفعه نحو الإختيار ما بين إنقلابٍ داخليٍ جديد , وما بين أدوار ومغامرات جديدة في أفغانستان , مقابل مغريات يعتبرها الرئيس إردوغان إنتصارات كبرى , كبقائه في السلطة , واستمرار إنطلاقه خارج الحدود , وحسم إبتلاعه للشطر الشمالي للجزيرة القبرصية , والحفاظ على اّماله وأطماعه ومكاسبه في سوريا والتي تسيرعلى طريق تبخرها على المسار الروسي ميدانياً وسياسياً.

وعلى الصعيد الإسرائيلي : لم تسطع الحكومة الهشة الجديدة إثبات نفسها , والتي يمكن تسميتها بنصف حكومة لعامين + عامين , وهي التي وصلت إلى الحكم بعد هزيمة مدوية في معركة سيف القدس , وبتداعياتها الداخلية , وانعكاسها على وحدة الصف الفلسطيني والمقاوم , وبمعادلاتها الجديدة التي صبت نتائجها مباشرةً في مخزون ورصيد محور المقاومة مجتمعاً ... هذه الحكومة الضعيفة , ساهمت بدورها بالضغط على القيادة التركية , تماهياً مع المواقف الأمريكية , بذريعة المواقف التركية ( الإعلامية ) الداعمة لحماس وللقضية الفلسطينية , والتي كان من نتائجها رضوخ تركي ما بعد قمة بايدن – إردوغان في بروكسل في 14 حزيران الماضي , للرغبات الأمريكية والإسرائيلية , والتي ترجمها الرئيس التركي برسائل "مصالحة" إسرائيلياً , وبقبول المهمة في أفغانستان ...

فشلت واشنطن بفرض سياسة تجميد واقع الإحتلال في سوريا , وفشلت بحماية تواجدها اللا شرعي في سوريا , ومع الإنتصارات السورية السياسية والعسكرية , أدارت الدفة نحو التصعيد العسكري , لمعاقبة الشعب السوري على خياراته الوطنية في الإستحقاق الرئاسي وعشية عيد الأضحى المبارك , وبإالإنجازات السياسية والعسكرية , واستمرت بسلوكها الإستفزازي وبخرق السيادة السورية , وبنهب وإخراج أرتال وقوافل القمح والنفط السوري المسروق إلى شمال العراق , وأوعزت إلى جبهة النصرة وما تسمى فصائل وميليشيات “الجبهة الوطنية للتحرير” , للتصعيد العسكري الإنتقامي المكثف , ضد نقاط تمركز الجيش العربي السوري والقوات الروسية في منطقة “خفض التصعيد” وخارجها , وعاد تسخين الجبهات واستهداف المدنيين في الحفة , صلنفة , السرمانية , ريف القرداحة , وريف اللاذقية الشمالي , مروراً  بشطحة , جورين , وناعور في سهل الغاب بريف حماة , وريفي إدلب الجنوبي والشرقي , وريفي حلب الغربي والشمالي في تل رفت ودير جمال ، وبعض المناطق السكنية الاّمنة داخل مدينة حلب.

وعليه ... يختلف عدوان الأمس عما من سبقه من إعتداءات إسرائيلية , وبات واضحاً أنه جاء بطلب أمريكي وليس بتفّهمٍ أمريكي وقرارٍ إسرائيلي , فالولايات المتحدة احتاجت للعدوان لتوجيه عديد الرسائل , وأولها معاقبة الشعب السوري وإلتفافه حول قائده ودستوره , واحتاجت لتوجيه رسالة عسكرية مباشرة للقيادة السورية بقصفها لمعامل الدفاع ومركز البحوث العلمية , تنفيذاً لتهديداتها ووعيدها بالرد لحماية جنودها , ولوقف عمليات المقاومة السورية واستهداف الوجود الأمريكي على الأراضي السورية , واحتاجت لبناء الثقة المباشرة مع عناصر جبهة النصرة وكافة التنظيمات والفصائل الإرهابية , وهي التي تصدر أوامر لتركيا بنقلهم وترحيلهم إلى ليبيا وأذربيجان وأفغانستان , وسط معلومات عن رفض البعض وإنشقاق بعضهم الاّخر وهروبهم إلى تركيا , واحتاجت تصعيداً عسكرياً إرهابياً لوقف ضربات وتقدم الجيش العربي السوري على محاور إدلب ومحيطها , واحتاجت إلى تقديم الدعم للموقف التركي الذي انصاع لرغباتها بقبول الإنخراط في الحرب والصراع في أفغانستان , كذلك احتاجت إلى مكافئة تقدمها "إسرائيل" لتأكيد التحالف الإستراتيجي الإسرائيلي – التركي , الذي كاد يتعكر صفوه مؤخراً , واحتاجت لتأكيد القوة الإسرائيلية , والكماشة التركية – الإسرائيلية , في ظل حكومةٍ إسرائيلية هشة وضعيفة , لا تستطيع تحمّل مواجهة جديدة مع محور المقاومة.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

20/7/2021 

No comments:

Post a Comment