Wednesday, April 28, 2021

استراتيجية العلاقات الأمريكية والتنظيمات الإرهابية - م. ميشيل كلاغاصي

 


رغم إنكشاف حقيقة الولايات المتحدة , وحقيقة استراتيجياتها وسياساتها الخارجية التي إعتمدت على التنظيمات الإرهابية كنوع مختلف من مرتزقتها التقليديين , لتعزيز مصالحها في جميع أنحاء العالم , يبقى السؤال عن طبيعة الذهتية الأمريكية التي ترسم قوتها وهيبتها ومكانتها وحتى ترفها , على أكتاف المتطرفين والمتعطشين لسفك الدماء تحت عناوين راديكالية وإيديولوجية متطرفة , ثبت زيف ادعاءاتها , ومدى اغماسها في ترهيب الدول والشعوب , والتعدي على القيم والثوابت الإنسانية المشتركة بين كافة البشر.

ولم يعد خافياً على أحد , اعتمادها على عقليةٍ استخباراتية استطاعت استقطاب وتجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة لمواجهة الإتحاد السوفيتي في أفغانستان ، وزعزعة استقرار المنطقة ، وحروبها للإطاحة بالحكومات الشرعية , وانتقلت مع إنكشاف وفشل التنظيم في تحقيق كامل لمخططاتها , إلى قطع رأس الأخطبوط , والتعامل مع أذرعه المختلفة , فكان إعتمادها على تنظيم "داعش" الإرهابي , كذريعة للتدخل العسكري المباشر في دول الشرق الأوسط.

واستغلت حربها المزعومة على "الإرهاب" للإستيلاء على الموارد الطبيعية وثروات العديد من الدول , فكانت ليبيا والعراق وسوريا من بين تلك الدول , ناهيك عما فعلته في أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط  بأكملها.

لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية دحض التهمة , بالتوازي مع إعتراف وزيرة الخارجية الأميركية السابقة  هيلاري كلينتون في كتابها “خيارات صعبة” , بأن الإدارة الأميركية قامت بتأسيس تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” لتقسيم منطقة الشرق الأوسط" , بالإضافة إلى إعترافات بعض الإرهابيين أنفسهم ممن ألقي القبض عليهم في سوريا , وبحسب وكالة أنباء "سانا", فقد تضمنت الإعترافات إقرارهم ا بالإقدام على ارتكاب عمليات إرهابية مختلفة تراوحت بين القتل والإعدام والخطف إلى عمليات التخريب، والتدمير للممتلكات العامة "بالتنسيق مع أمريكا", وإقدامهم على استهداف عناصر الجيش العربي السوري في منطقة التنف وتدمر ومطار "تي 4" وبعض حقول النفط , بدعمٍ مباشر من جيش الإحتلال الأمريكي , بما يشمل من دعم مالي وتسليح نوعي , وبرصدٍ لطائرات الإستطلاع الأمريكي , وبتزويد عناصر التنظيم الإرهابي ببرامج إلكترونية لمراقبة تحركات الجيش العربي السوري , الأمر الذي يؤكد تماماً وجود صلاتٍ مباشرة للتنظيم مع الجيش الأمريكي واستخباراته.  

واليوم تقدم , صحيفة الـ "واشنطن بوست" أدلة جديدة على ارتباط واشنطن المباشر بالإرهاب الدولي , بتأكيدها أن "الأمير" محمد سيد عبد الرحمن المول , المعروف باسم أبو إبراهيم الهاشمي القرشي ، والذي أصبح زعيماً للتنظيم ، بعد مقتل أبو بكر البغدادي , أنه كان يعمل "مخبراً للجيش الأمريكي" , واليوم تعلن بحثها عنه وعن تخصيص عشرة ملايين دولار مقابل حصولها على معلومات عنه , وبحسب الصحيفة , فقد قدم "المول" خدمات استخبارية ومعلومات دقيقة وفي غاية الأهمية عن رفاقه في تنظيمي "داعش" و"القاعدة" , ساعدت الولايات المتحدة في محاربة التنظيم الذي يرأسه الاّن ..

 يبدو أنه حان أوان التخلص من "الأمير" الثاني للتنظيم , بالمقارنة مع تحويل أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم جبهة النصرة الإرهابي إلى رجل سياسة , من الواضح أن واشنطن تحسم خياراتها , بما يتوافق مع مخططاتها القادمة.

في الوقت الذي تملك فيه قيادة الحشد الشعبي في العراق كماً هائلاً من المعلومات حول علاقة واشنطن بتنظيم داعش , من خلال وضعها الميداني المتقدم بمواجهة التنظيم الإرهابي وجهادها في سبيل القضاء عليه واستعادة أمن وأمان البلاد , وفي تصريحات للقيادي كمال الحسناوي العراقي , لصحيفة العربي الجديد العام الماضي , أكد أن "الهدف من استمرار تواجد القوات الأمريكية في منطقة التنف داخل المثلث الحدودي السوري - العراقي - الأردني هو دعم الخلايا المتبقية من إرهابيي داعش"... وبأن قوات التحالف الأمريكي قامت بتدريب وتجهيز ونشر إرهابيي "داعش" في مختلف المدن العراقية وفتحت الأبواب أمام عناصره للدخول والمغادرة , وبأنه تم توثيق وتسليم الصور وتسجيلات الفيديو التي تؤكد القضية إلى الحكومة العراقية.

لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تنجو للأبد بجرائمها وبدعمها للإرهاب الدولي وبإعتماده استراتيجيةً قادرة على القفز وتخطي القانون الدولي , ولا بد من تكاتف العالم وراء المطالبة بمحاسبة أفراداً في الجيش الأمريكي وقادتهم العسكريين والسياسيين , وأعضاء الكونغرس المتورطين بدعم برامج الإرهاب وبالتصويت على دعم وزارة الدفاع الأمريكي بميزانيات الأموال التي تمكنها من إشاعة الفوضى , وإحتلال الدول والإعتداء على الشعوب والمدنيين لتحقيق أهدافها في الإستحواذ على مقدرات الشعوب وحرمانها منها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

28/4/2021

No comments:

Post a Comment