Thursday, June 17, 2021

برقية بكين ... تُطرب دمشق وتهز عرش واشنطن - م. ميشيل كلاغاصي

 
لم تكن برقية الرئيس الصيني شي جين بينغ , التي أرسلها لتهنئة الرئيس بشار الأسد بفوزه في الإنتخابات الرئاسية , برقية تهنئةٍ تقليدية ولا عادية , وتستحق الوقوف عندها , وقراءة مفرداتها وأبعادها الحالية والمستقبلية ... خصوصاً وأنها تأتي بعد تهنئة وزارة الخارجية الصينية للرئيس الأسد , التي أكدت استعداد بكين لمساعدة دمشق في الدفاع عن سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
لقد ركّز الرئيس الصيني في برقيته على عدة نقاط رئيسية , تشكل بطبيعتها عناويناً رئيسية تتسم بأهمية بالغة في وقتنا الراهن , وسط المعارك الجيو- سياسية التي تعصف بالمنطقة والعالم , وتشكل تحدياً كبيراً للغطرسة والهيمنة الأمريكية ولاّلتها العسكرية وعقوباتها وحصارها الإقتصادي اللاقانوني على الدولة والشعب السوري :
1- ركز على تاريخية علاقات الصداقة بين البلدين

2- وعلى تطوير العلاقات الدبلوماسية الثنائية , والارتقاء بالتعاون البيني إلى مستويات جديدة.

3- أكد استعداده للعمل مع الرئيس الأسد , لتحقيق إنجازات كبيرة في العلاقات بين البلدين.
4- أكد دعم بلاده القوي لسوريا , لحماية سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها .
5- أكد دعم بلاده لسوريا في مواجهة جائحة الكورونا.
6- أكد دعم بلاده لإعادة تنشيط الإقتصاد السوري , وتحسين رفاهية الشعب السوري.
من الواضح أن لغة البرقية ومفرداتها تعكس نوعية العلاقات المميزة بين البلدين , والتي انطلقت منذ عمق التاريخ واستمرت حتى يومنا هذا , عبر تماكبٍ تاريخي استمد عراقته عبر ما يعرف بطريق الحرير , الذي كانت ولا زالت الصين تشكل فيه نقطة البداية والإنطلاق , فيما شكلت سوريا نقطة تلاقي القوافل والحضارات والقارات ، الأمر الذي أسس لتاريخ طويل من التبادلات التجارية بين البلدين الصديقين , وإلى تطوير العلاقات الثنائية , ولتعزيز الحوار الحضاري بينهما.
كما تأتي برقية الرئيس الصيني , في سياق ما تم بناؤه عبر /65/ عاماً من العلاقات الثنائية , والتي شكلت فيها زيارة الرئيس الأسد إلى الصين في العام 2004 , حدثاً مهماً في تاريخ هذه العلاقات لتكون علاقة شراكة في جميع المجالات وأحدثت نقلة نوعية حيث اختصرت المسافات بين البلدين وطورت التعاون في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية , وتم خلالها التوقيع على العديد من الاتفاقيات لتوسيع التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات والمشروعات المشتركة بين البلدين , الأمر الذي‏ انعكس على ارتفاع حجم التبادل التجاري بينهما إلى ما يقارب الـ 50 مليار ليرة سورية , ما قبل الحرب على سوريا.
وتكمن أهمية البرقية , بأنها تشكل دعماً كاملاً للدولة والشعب والرئيس الأسد , في وقتٍ تتعمد فيه الولايات المتحدة الأمريكية عدم الإعتراف بالإنتخابات الرئاسية وبنتائجها , واستمرارها بتعميم وإطالة أمد الفوضى والحرب على سوريا , ومحاولاتها الدؤوبة لهز وزعزعة إستقرار سوريا , التي تشكل بطبيعتها وبموقعها الجغرافي ودورها الحضاري والجيو سياسي , نقطة توازن المنطقة والعالم ..
ويأتي الدعم الصيني لسوريا ليشكل رد الفعل الطبيعي المساوي والموازي والمعاكس بالإتجاه للقوة والضغوط الأمريكية , ولدعم التوازن الجيو سياسي السوري ومن خلاله لإستعادة توازن الإقليم والمنطقة والعالم .  
ويمكن للمتابعين قراءة الموقف الصيني من الحرب على سورية منذ العام 2011 , وكل ما قدمته بهدف إحتواء التوحش والإرهاب الأمريكي ولجمه , ومنح السوريين فرصة مداواة الجروح , وإعادة ترميم الأسوار الخارجية , وإعمار ما تهدم , من خلال إحترامها للصداقة وللعلاقات التاريخية والإنسانية التي تربطها بالدولة والشعب السوري , وحرصها على سيادة القانون والأمن والسلام الدولي .
بالتأكيد سيكون للحضور القديم – الجديد للصين في دعم سوريا سياسياً وإقتصادياً , بعداً يتخطى الحدود السورية , ليشمل بعض الدول العربية وجمهورية إيران الإسلامية , فطريق الحرير الذي تتمسك به بكين , تمر خطوطه التاريخية عبر تبريز الإيرانية وصولاً إلى الموصل العراقية وحلب السورية , وتلتقي بالقوافل القادمة من شرق أوروبا وتحديداً من المحيط الأوراسي وقلبه موسكو , ويشكل بمجموع دوله وشعوبه طريق السلام والإزدهار الإقتصادي والتلاقي الحضاري والإنساني , وستكون قوة الدولة الصينية عاملاً مساعداً تضاف إلى قوة الحضور الإيراني والروسي الداعمين لإستقرار سوريا وحفاظها على سيادتها ووحدة أراضيها وإستقلال قرارها السياسي .
من المؤكد أن ترجمة برقية الرئيس الصيني الفعلية , وكافة "البرقيات" الروسية والإيرانية , ومقاومي محور المقاومة , ستساعد شموع الأمل التي أضائها الرئيس بشار الأسد وربطها بالعمل , وستساعد الدولة والشعب السوري على بلوغ مبتغاه وتحقيق اّماله وطموحاته في زوال الإحتلال , والقضاء النهائي على ما تبقى من بؤر الإرهاب على الأراضي السورية ,  وبالعودة إلى الإستقرار والأمن والسلام الذي افتقده السوريين , بفضل المخططات الصهيو أمريكية الخبيثة , وسكاكين الغدر والتاّمر والخيانة والإرهاب التي إعتمدت عليها واشنطن كإستراتيجية لتنال منهم ومن دولتهم , لكنها فشلت وتحطمت وحشيتها وخبثها على أبواب دمشق وكافة القلاع السورية , لتبقى سوريا ويبقى طريق الحرير لينقل ياسمينها وأغصان زيتونها إلى كافة أنحاء العالم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

12/6/2021

No comments:

Post a Comment