منذ دخول الرئيس جو بايدن البيت الأبيض , أصبح المسؤول
السادس والأربعين عن وضع مساحيق التجميل على السياسة الأمريكية العدائية تجاه
سوريا , ومرر عدوانه الأول على سوريا في 25 شباط , وتعرض لإنتقاد وإحتجاج بعض
أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ومع بداية اّذار الماضي , اتجه نحو الإستفادة من خبراء صانعي
الصور الجميلة المفبركة في إدارته , وعبر سلسلة من الخطابات العامة , وبعض التصريحات
الإعلامية الخاصة بسوريا , في سعي حثيث لتصدير صورة جديدة لأمريكا المحبة والباحثة
عن السلام والحل السياسي في سوريا , وأعلن البيت الأبيض عن الإستراتيجية الجديدة للأمن
القومي الأمريكي , وتركيز الرئيس بايدن ورغبته بعدم "الإنخراط في حروب لا نهاية لها" , وبأن بلاده: "لن
تشارك في حروب دائمة كلفت آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات".
في الوقت نفسه ، أعلن رغبته بإقامة حوار بين واشنطن وموسكو
وبكين , حول العديد من الملفات الشائكة , وسارع وزير خارجيته أنتوني بلينكين للحديث
عن أولويات السياسة الخارجية الإستراتيجية لواشنطن ، وبأن الإدارة الأمريكية
الجديدة , ليس لديها نوايا لغرس الديمقراطية في بلدان أخرى من خلال التدخلات العسكرية
واستبدال الأنظمة "الإستبدادية".
ومن دون أدنى شك , تسلك الإدارة الجديدة طريق الخداع
والمكر , وهي التي تعتبر إمتداداً لفريق ولسياسة الحزب الديمقراطي ولِما سعى إليه
عبر إدارة الرئيس أوباما , لتصدير "الديمقراطية" االمتوحشة على الطريقة
الأمريكية إلى البلدان والأنظمة التي تعتبرها واشنطن "غير مرغوب فيها" ,
أنه من الضروري تغيير تلك الأنظمة التي تشكل "تهديداً للأمن القومي
الأمريكي" , واستبدالها بكافة الوسائل - بما فيها القوة - بأنظمة جديدة تلبي توقعات
الولايات المتحدة وشركائها الغربيين.
أما بالنسبة للإعلان عن إستراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس
بايدن , وعن رغبته في الحوار الجوهري مع روسيا والصين , فقد سقط بالأمس سقوطاً ذريعاً , مع بيان قمة
الـ G7 وبإعتبار الصين - الحليف الإستراتيجي لروسيا
- بأنها "هي العدو" , أما روسيا فلا يحتاج الأمر إلى الكثير من العناء
لإثبات عدائية السياسة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين تجاهها.
وبالنظر ومقارنة الأقوال والأفعال الأمريكية , خصوصاً
بما يتعلق بإستمرار سياسة إستخدام القوة العسكرية خارج الحدود , بات من المؤكد أن إدارة
بايدن لن تتخلي عن العمليات العسكرية اللاشرعية ، وأنها بصدد تحديثها فقط , على
غرار وعد الرئيس نيكسون بإنهاء الحرب والقصف على فيتنام , لكنه حدّث خططه بتدريب
عملائه في "جيش فيتنام الجنوبي" , ليقاتلوا نيابةً عن الجنود الأمريكيين
, وقَصَفَ كمبوديا عام 1968وأسقط حوالي 500 ألف ضحية فيما عرف وقتها بمذبحة
"ماي لاي" , في الوقت الذي أخفى نيسكون نواياه وأفعاله , وتحدث البيت
الأبيض عن "عمليات روتينية في فيتنام".
ماذا تنتظر إدارة بايدن لإنسحاب قواتها من سوريا , وماذا
عن وعد بايدن بالبحث عن وقف الحرب وإيجاد الحل السياسي فيها , وسط المشهد الأمريكي
المستمر بإدخال أطنان الأسلحة ووضعها بين أيدي الإرهابيين في تنظيم داعش وجبهة
النصرة والجيش الحر وعصابات "قسد" , والإستمرار بالإحتلال وبالنهب
المنظم للثروات السورية , وحصار الشعب السوري , ومشاريع تقسيم سوريا , وكل ما يجري
من تتريك وتكريد وتغيير ديموغرافي .....إلخ , ألا يبدو سلوك بايدن مشابهاً لسلوك
نيكسون , إن كان في سوريا أوفي العراق واليمن , وحتى في حقيقة النوايا الأمريكية
تجاه إيران وروسيا والصين ....إلخ.
وفي هذا السياق يبدو اهتمام واشنطن بسياسة المعابر في
سوريا , وخصوصاً معبر باب الهوى وإحتمالية ربطه بمعبر الوليد اللا شرعي , أمراً
يندرج في سياق تحديث الإستراتيجية العدائية لسوريا وليس في إطار تغييرها نحو إنهاء
الحرب وإيجاد الحل السياسي فيها.
المهندس: ميشيل كلاغاصي
15/6/2021
No comments:
Post a Comment