Thursday, June 17, 2021

تحديث ولا تغيير في استراتيجية واشنطن العدائية في سوريا - م. ميشيل كلاغاصي

منذ دخول الرئيس جو بايدن البيت الأبيض , أصبح المسؤول السادس والأربعين عن وضع مساحيق التجميل على السياسة الأمريكية العدائية تجاه سوريا , ومرر عدوانه الأول على سوريا في 25 شباط , وتعرض لإنتقاد وإحتجاج بعض أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ومع بداية اّذار الماضي , اتجه نحو الإستفادة من خبراء صانعي الصور الجميلة المفبركة في إدارته , وعبر سلسلة من الخطابات العامة , وبعض التصريحات الإعلامية الخاصة بسوريا , في سعي حثيث لتصدير صورة جديدة لأمريكا المحبة والباحثة عن السلام والحل السياسي في سوريا , وأعلن البيت الأبيض عن الإستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي , وتركيز الرئيس بايدن ورغبته بعدم "الإنخراط  في حروب لا نهاية لها" , وبأن بلاده: "لن تشارك في حروب دائمة كلفت آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات".

في الوقت نفسه ، أعلن رغبته بإقامة حوار بين واشنطن وموسكو وبكين , حول العديد من الملفات الشائكة , وسارع وزير خارجيته أنتوني بلينكين للحديث عن أولويات السياسة الخارجية الإستراتيجية لواشنطن ، وبأن الإدارة الأمريكية الجديدة , ليس لديها نوايا لغرس الديمقراطية في بلدان أخرى من خلال التدخلات العسكرية واستبدال الأنظمة "الإستبدادية".

ومن دون أدنى شك , تسلك الإدارة الجديدة طريق الخداع والمكر , وهي التي تعتبر إمتداداً لفريق ولسياسة الحزب الديمقراطي ولِما سعى إليه عبر إدارة الرئيس أوباما , لتصدير "الديمقراطية" االمتوحشة على الطريقة الأمريكية إلى البلدان والأنظمة التي تعتبرها واشنطن "غير مرغوب فيها" , أنه من الضروري تغيير تلك الأنظمة التي تشكل "تهديداً للأمن القومي الأمريكي" , واستبدالها بكافة الوسائل - بما فيها القوة - بأنظمة جديدة تلبي توقعات الولايات المتحدة وشركائها الغربيين.

أما بالنسبة للإعلان عن إستراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس بايدن , وعن رغبته في الحوار الجوهري مع روسيا والصين ,  فقد سقط بالأمس سقوطاً ذريعاً , مع بيان قمة الـ G7 وبإعتبار الصين - الحليف الإستراتيجي لروسيا - بأنها "هي العدو" , أما روسيا فلا يحتاج الأمر إلى الكثير من العناء لإثبات عدائية السياسة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين تجاهها.

وبالنظر ومقارنة الأقوال والأفعال الأمريكية , خصوصاً بما يتعلق بإستمرار سياسة إستخدام القوة العسكرية خارج الحدود , بات من المؤكد أن إدارة بايدن لن تتخلي عن العمليات العسكرية اللاشرعية ، وأنها بصدد تحديثها فقط , على غرار وعد الرئيس نيكسون بإنهاء الحرب والقصف على فيتنام , لكنه حدّث خططه بتدريب عملائه في "جيش فيتنام الجنوبي" , ليقاتلوا نيابةً عن الجنود الأمريكيين , وقَصَفَ كمبوديا عام 1968وأسقط حوالي 500 ألف ضحية فيما عرف وقتها بمذبحة "ماي لاي" , في الوقت الذي أخفى نيسكون نواياه وأفعاله , وتحدث البيت الأبيض عن "عمليات روتينية في فيتنام".

ماذا تنتظر إدارة بايدن لإنسحاب قواتها من سوريا , وماذا عن وعد بايدن بالبحث عن وقف الحرب وإيجاد الحل السياسي فيها , وسط المشهد الأمريكي المستمر بإدخال أطنان الأسلحة ووضعها بين أيدي الإرهابيين في تنظيم داعش وجبهة النصرة والجيش الحر وعصابات "قسد" , والإستمرار بالإحتلال وبالنهب المنظم للثروات السورية , وحصار الشعب السوري , ومشاريع تقسيم سوريا , وكل ما يجري من تتريك وتكريد وتغيير ديموغرافي .....إلخ , ألا يبدو سلوك بايدن مشابهاً لسلوك نيكسون , إن كان في سوريا أوفي العراق واليمن , وحتى في حقيقة النوايا الأمريكية تجاه إيران وروسيا والصين ....إلخ.

وفي هذا السياق يبدو اهتمام واشنطن بسياسة المعابر في سوريا , وخصوصاً معبر باب الهوى وإحتمالية ربطه بمعبر الوليد اللا شرعي , أمراً يندرج في سياق تحديث الإستراتيجية العدائية لسوريا وليس في إطار تغييرها نحو إنهاء الحرب وإيجاد الحل السياسي فيها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

15/6/2021 

No comments:

Post a Comment