Sunday, June 6, 2021

بعد "داعش وقسد" .. واشنطن تزاحم تركيا لقيادة "جبهة النصرة" - م. ميشيل كلاغاصي

عبثاً يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن الإستمرار بخداع العالم , وبتسويق نفسه كرجل سلام يبحث عن الحل السياسي في سوريا , على الرغم من محاولاته البائسة للتخلص من وصمة العار ولقب "لص النفط والقمح السوري" , على الرغم من إنهائه إعفاء شركة "دلتا كريسنت انرجي" من العقوبات الأمريكية , ولا تكفي بضعة تصاريح رئاسية "لسنا هنا من أجل النفط" , لدحض ما هو مؤكد ومثبت , ويمكن إعتبار هذه الخطوة بأنها لا تعدو أكثر من الإنتقال من السرقة بالتشريع الأمريكي الرسمي إلى السرقة بدونه , وهذا لن يجعل منهم لصوصاً محترمين. 

في الوقت الذي تبدو فيه الإدارة الأمريكية تتجه نحو إحكام قبضتها على الميدان السوري , وإمساك قرار كافة التنظيمات الإرهابية المسلحة من شرق الفرات إلى الشمال السوري وغربه وداخل مدينة إدلب ومحيطها , نتيجة خشيتها من إنزياح أردوغان أكثر فأكثر نحو الحضن الروسي , الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى خسارة واشنطن جهود أكثر من 60 ألف إرهابي تستخدمهم في وجه الجيش العربي السوري وحلفائه .

فلجأت إلى استغلال الملف الإنساني والمساعدات الأمريكية  و"ملف المعابر" , قبل انتهاء التفويض الحالي لمجلس الأمن الذي سمح بدخول المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا , في العاشر من تموز القادم , وسارعت لإرسال سفيرتها لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس غرينفيلد" إلى تركيا , في مهمةٍ ظاهرها ما أعلنته عن تقديم مساعداتٍ أمريكية بقيمة 240 مليون دولار "لشعب سوريا واللاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم" , أما في جوهرها فقد تشي لقاءاتها مع قادة التنظيمات الإرهابية , وخصوصاً جبهة النصرة والخوذ البيضاء , ووصفهم بـ "الشجعان" ! , بما هو سيء وخطير.

يبدو أن واشنطن تفضل قيادة التنظيمات الإرهابية بنفسها وتحصينهم في مواقعهم , مقابل احتفاظ  تركيا بدورها في تسهيل نقل المساعدات الإنسانية , من خلال رشوة تقدمها للرئيس التركي تتمثل بوعدها بفتح أكثر من  معبر و بـ 240 مليون دولار, بالتأكيد ستدخل خزائن وجيوب أردوغان , تعينه على تخفيف حدة المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها في الداخل التركي , مقابل عدم تكرار تجربة الرئيس ترامب الذي أوقع تركيا خلال ساعات بأزمة هبوط وإنهيار الليرة التركية , وقد يكون هذا وراء وصف زيارتها لتركيا بـ "الإستراتيجية" .

ويمكن أن يشير توقيت الزيارة وتصريحات السفيرة غرينفيلد , ولقاءاتها بالقادة الأتراك وقادة الإرهابيين في جبهة النصرة , إلى نوايا واشنطن , بوقف الخلافات والمعارك التي اندلعت في صفوف التنظيمات التابعة لتنظيم داعش وتلك التابعة لجولاني النصرة في إدلب ومحيطها , بالتوازي مع أحداث مدينة منبج والضغط الكبير الذي تعرضت له "قسد" من قبل المتظاهرين ضدها هناك , بعد إطلاقها النار عليهم وسقوط الشهداء والجرحى , وتداعي القبائل العربية للوقوف إلى جانبهم واستعدادهم لقتالها وطردها , والمخاوف الأمريكية  من دخول الجيش العربي السوري واستعادته السيطرة على المدينة. 

التركيز الأمريكي على ملف المساعدات والمعابر .... لقد حاولت السفيرة من خلال سلسلة أكاذيب , تأكيدها لأهمية فتح المعبر, وبأن "هناك أكثر من 13 مليون سوري بحاجة ماسة إلى المساعدة" , وبأن معبر باب الهوى بالنسبة لسكان إدلب يعتبر "شريان حياتهم" الوحيد , كذلك اعتبرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن :"الولايات المتحدة هي أكبر مانح في العالم للأزمة السورية وقدمت أكثر من 13 مليار دولار منذ بداية الصراع", في حين ناشد المنسق الأممي "مارك لوكوك"  مجلس الأمن بـ :"عدم قطع “شريان الحياة عبر الحدود" , وعاطفة  "ريتشارد ميلز" الجياشة وهو نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة , الذي خاطب مجلس الأمن بقوله :"إذا لم نفعل ذلك سيموت الناس، ونقطة عبور واحدة لا تلبي إحتياجات الشعب السوري” , كذلك دعوة الوزير بلينكن في 30 /آذار الماضي ، إلى إعادة فتح معبر باب السلامة مع تركيا ، ومعبر اليعربية مع العراق الذي تسيطر عليه “قسد”.

لا أعتقد أن هناك من يشكك بنوايا واشنطن , وبإقدامها على تحضير أرضية المرحلة القادمة , لتشكيل جبهةٍ عسكرية إرهابية قوية تمتد من غرب الفرات إلى شرقه , قبيل القمة الأمريكية – الروسية في جنيف , لتكون واشنطن المفاوض القوي والوحيد في مواجهة الرئيس الروسي.

من المعيب أن تتجاهل الولايات المتحدة السيادة السورية وتتعمد إختراقها , وأن تمارس ضغوطها لإستمرار الحرب التي هُزمت فيها في سوريا , وياله من كم الوقاحة التي تتحدث فيه عن مساعداتٍ تقدمها للشعب السوري وبأنها أكبر المانحين , وهي التي تسرق نفطه وقمحه بشكلٍ يومي , ولا يخفى على العالم أنها تسعى للتركيز على إقرار مجلس الأمن بفتح معابر لا تسيطر عليها الدولة السورية , وأن لا تكون الطرف والجهة المسؤولة عن مواطنيها.

 في وقتٍ يرى فيه العالم أن الشعب السوري في ظل دولته وحكومته وقيادته يعيش الأمن والأمان , على عكس مناطق العبث الأمريكي والتركي والإرهابي والإنفصالي , وبأن الدولة السورية لم تتوقف عن إرسال الدقيق والرواتب واللقاحات والكتب المدرسية وكافة إحتياجات المواطنيين على كامل مساحة الوطن , وبأن الهدف الرئيسي لإدخال "المساعدات" بعيداً عن رقابة وإشراف الدولة السورية , يكمن في تحويل المعابر إلى ممرات لتمويل وتسليح الإرهابيين , ولهذا رفضت قبل عام ونصف كل من سوريا وروسيا والصين , إعتماد أربعة معابر, وتمت الموافقة على معبر واحد من خلال تسوية سياسية معقدة , بهدف وصول ما يمكن وصوله إلى المواطنين السوريين – ولو بالحد الأدنى-.

يبدو أن المشاعر الأمريكية "الإنسانية النبيلة", تهتم لأمر إرهابيي جبهة النصرة أيضاً والإرهابيين الإيغور والشيشان والأوربيين والعرب , وكل من استجلبتهم من كافة أصقاع العالم , وتهتم بأمر تغذيتهم والحفاظ على حالتهم الصحية , فاختلطت الأمور في رأسها وباتت تحسبهم سوريين , وتدعي بأنها أكبر مانحي الشعب السوري ! . 

المهندس: ميشيل كلاغاصي

5/6/2021

 

No comments:

Post a Comment