عبثاً
يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن الإستمرار بخداع العالم , وبتسويق نفسه كرجل سلام يبحث
عن الحل السياسي في سوريا , على الرغم من محاولاته البائسة للتخلص من وصمة العار ولقب
"لص النفط والقمح السوري" , على الرغم من إنهائه إعفاء شركة "دلتا كريسنت
انرجي" من العقوبات الأمريكية , ولا تكفي بضعة تصاريح رئاسية "لسنا هنا من
أجل النفط" , لدحض ما هو مؤكد ومثبت , ويمكن إعتبار هذه الخطوة بأنها لا تعدو
أكثر من الإنتقال من السرقة بالتشريع الأمريكي الرسمي إلى السرقة بدونه , وهذا لن يجعل
منهم لصوصاً محترمين.
في الوقت
الذي تبدو فيه الإدارة الأمريكية تتجه نحو إحكام قبضتها على الميدان السوري , وإمساك
قرار كافة التنظيمات الإرهابية المسلحة من شرق الفرات إلى الشمال السوري وغربه وداخل
مدينة إدلب ومحيطها , نتيجة خشيتها من إنزياح أردوغان أكثر فأكثر نحو الحضن الروسي
, الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى خسارة واشنطن جهود أكثر من 60 ألف إرهابي تستخدمهم في
وجه الجيش العربي السوري وحلفائه .
فلجأت
إلى استغلال الملف الإنساني والمساعدات الأمريكية
و"ملف المعابر" , قبل انتهاء التفويض الحالي لمجلس الأمن الذي سمح
بدخول المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا , في العاشر من تموز
القادم , وسارعت لإرسال سفيرتها لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس غرينفيلد"
إلى تركيا , في مهمةٍ ظاهرها ما أعلنته عن تقديم مساعداتٍ أمريكية بقيمة 240 مليون
دولار "لشعب سوريا واللاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم" , أما في جوهرها
فقد تشي لقاءاتها مع قادة التنظيمات الإرهابية , وخصوصاً جبهة النصرة والخوذ البيضاء
, ووصفهم بـ "الشجعان" ! , بما هو سيء وخطير.
يبدو
أن واشنطن تفضل قيادة التنظيمات الإرهابية بنفسها وتحصينهم في مواقعهم , مقابل احتفاظ تركيا بدورها في تسهيل نقل المساعدات الإنسانية
, من خلال رشوة تقدمها للرئيس التركي تتمثل بوعدها بفتح أكثر من معبر و بـ 240 مليون دولار, بالتأكيد ستدخل خزائن
وجيوب أردوغان , تعينه على تخفيف حدة المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها في الداخل
التركي , مقابل عدم تكرار تجربة الرئيس ترامب الذي أوقع تركيا خلال ساعات بأزمة هبوط
وإنهيار الليرة التركية , وقد يكون هذا وراء وصف زيارتها لتركيا بـ "الإستراتيجية"
.
ويمكن
أن يشير توقيت الزيارة وتصريحات السفيرة غرينفيلد , ولقاءاتها بالقادة الأتراك وقادة
الإرهابيين في جبهة النصرة , إلى نوايا واشنطن , بوقف الخلافات والمعارك التي اندلعت
في صفوف التنظيمات التابعة لتنظيم داعش وتلك التابعة لجولاني النصرة في إدلب ومحيطها
, بالتوازي مع أحداث مدينة منبج والضغط الكبير الذي تعرضت له "قسد" من قبل
المتظاهرين ضدها هناك , بعد إطلاقها النار عليهم وسقوط الشهداء والجرحى , وتداعي القبائل
العربية للوقوف إلى جانبهم واستعدادهم لقتالها وطردها , والمخاوف الأمريكية من دخول الجيش العربي السوري واستعادته السيطرة
على المدينة.
التركيز
الأمريكي على ملف المساعدات والمعابر .... لقد حاولت السفيرة من خلال سلسلة أكاذيب
, تأكيدها لأهمية فتح المعبر, وبأن "هناك أكثر من 13 مليون سوري بحاجة ماسة إلى
المساعدة" , وبأن معبر باب الهوى بالنسبة لسكان إدلب يعتبر "شريان حياتهم"
الوحيد , كذلك اعتبرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن :"الولايات المتحدة
هي أكبر مانح في العالم للأزمة السورية وقدمت أكثر من 13 مليار دولار منذ بداية الصراع",
في حين ناشد المنسق الأممي "مارك لوكوك" مجلس الأمن بـ :"عدم قطع “شريان الحياة عبر
الحدود" , وعاطفة "ريتشارد ميلز"
الجياشة وهو نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة , الذي خاطب مجلس الأمن
بقوله :"إذا لم نفعل ذلك سيموت الناس، ونقطة عبور واحدة لا تلبي إحتياجات الشعب
السوري” , كذلك دعوة الوزير بلينكن في 30 /آذار الماضي ، إلى إعادة فتح معبر باب السلامة
مع تركيا ، ومعبر اليعربية مع العراق الذي تسيطر عليه “قسد”.
لا أعتقد
أن هناك من يشكك بنوايا واشنطن , وبإقدامها على تحضير أرضية المرحلة القادمة , لتشكيل
جبهةٍ عسكرية إرهابية قوية تمتد من غرب الفرات إلى شرقه , قبيل القمة الأمريكية – الروسية
في جنيف , لتكون واشنطن المفاوض القوي والوحيد في مواجهة الرئيس الروسي.
من المعيب
أن تتجاهل الولايات المتحدة السيادة السورية وتتعمد إختراقها , وأن تمارس ضغوطها لإستمرار
الحرب التي هُزمت فيها في سوريا , وياله من كم الوقاحة التي تتحدث فيه عن مساعداتٍ
تقدمها للشعب السوري وبأنها أكبر المانحين , وهي التي تسرق نفطه وقمحه بشكلٍ يومي
, ولا يخفى على العالم أنها تسعى للتركيز على إقرار مجلس الأمن بفتح معابر لا تسيطر
عليها الدولة السورية , وأن لا تكون الطرف والجهة المسؤولة عن مواطنيها.
في وقتٍ يرى فيه العالم أن الشعب السوري في ظل دولته
وحكومته وقيادته يعيش الأمن والأمان , على عكس مناطق العبث الأمريكي والتركي والإرهابي
والإنفصالي , وبأن الدولة السورية لم تتوقف عن إرسال الدقيق والرواتب واللقاحات والكتب
المدرسية وكافة إحتياجات المواطنيين على كامل مساحة الوطن , وبأن الهدف الرئيسي لإدخال
"المساعدات" بعيداً عن رقابة وإشراف الدولة السورية , يكمن في تحويل المعابر
إلى ممرات لتمويل وتسليح الإرهابيين , ولهذا رفضت قبل عام ونصف كل من سوريا وروسيا
والصين , إعتماد أربعة معابر, وتمت الموافقة على معبر واحد من خلال تسوية سياسية معقدة
, بهدف وصول ما يمكن وصوله إلى المواطنين السوريين – ولو بالحد الأدنى-.
يبدو
أن المشاعر الأمريكية "الإنسانية النبيلة", تهتم لأمر إرهابيي جبهة
النصرة أيضاً والإرهابيين الإيغور والشيشان والأوربيين والعرب , وكل من استجلبتهم من
كافة أصقاع العالم , وتهتم بأمر تغذيتهم والحفاظ على حالتهم الصحية , فاختلطت الأمور
في رأسها وباتت تحسبهم سوريين , وتدعي بأنها أكبر مانحي الشعب السوري ! .
المهندس:
ميشيل كلاغاصي
5/6/2021
No comments:
Post a Comment