Friday, September 16, 2022

أتعبتهم الحرب على روسيا .. هل يفكرون في السلام ؟ - م. ميشيل كلاغاصي


أخطأت واشنطن بعدم مصارحة حلفائها الأوروبيين والرئيس الأوكراني , بأنها تطمع من خلال حرب أوكرانيا إلى إضعاف روسيا , وتحييدها عن المواجهة الكبرى مع الصين , وإقحامهم في كافة صراعاتها حول العالم.

أكد مؤخراً , السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف أن "تصرفات الدول الغربية خلال العملية الخاصة لروسيا في أوكرانيا خطيرة واستفزازية ، وقد تؤدي مثل هذه الخطوات إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة".

بعد أكثر من 100 عام على الحرب العالمية الأولى ، لا زال القادة الأوروبيون يسيرون كالنيام نحو حرب شاملة جديدة , ففي العام 1914 اعتقدت الحكومات الأوروبية أن الحرب ستستمر ثلاثة أسابيع فقط , لكنها استمرت أربع سنوات وأودت بحياة أكثر من 20 مليون إنسان , واليوم يظهرون اللامبالاة ذاتها , ويندفعون وراء تحطيم وإذلال روسيا والرئيس بوتين المنتصرين بلا شك , غافلين عن الأصوات التي سبق وطالبت قبل 100 عام بعدم إذلال ألمانيا وهي القوة المهزومة في الحرب , وبأن ذلك سيشكل كارثةً حقيقية , وما هي سوى 21 عاماً حتى عادت الدول الأوروبية إلى الحرب العالمية , وخلال ست سنوات أودت بحياة 70 مليون إنسان , إذا كان التاريخ يكرر نفسه , لكن القادة لا يتعلمون.

فقد قدمت الـ 100 عام ما قبل الحرب العالمية الأولى سنوات للحرب وسنوات للسلام , وإذا كان هناك من فضل , فيعود إلى مؤتمر فيينا 1814- 1815 ، الذي جمع المنتصرين والمهزومين في حروب نابليون , في محاولةٍ لخلق سلام دائم , وسط قناعة الجميع أن فرنسا نالت نصيبها من أفعالها بخسائر فادحة , وهذا ما دفعها نحو توقيع معاهدة فيينا مع النمسا وإنجلترا وبروسيا وروسيا لتضمن السلام بكرامة.

ومن خلال مقارنةٍ بسيطة , يمكننا ملاحظة أن حروب نابليون اندلعت بين القوى الأوروبية ، في حين حرب اليوم تقع ما بين روسيا –الأوروبية والناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية , على أرض أوكرانيا , من أجل تحقيق أهداف جيوستراتيجية تتجاوز أوكرانيا والأوروبيين المشاركين في الحرب بالوكالة الأمريكية.

في الوقت الذي يدعي فيه الناتو , أن هدفه إلحاق هزيمة غير مشروطة بروسيا ، ويتمنى أن تؤدي الحرب إلى تغيير النظام في موسكو , وسط إصرارٍ أوروبي ,  وتصريحاتٍ شبه يومية تؤكد على استمرار العقوبات على روسيا , وسط تصريحاتٍ تركية بأن: "عودة العلاقات الطبيعية مع موسكو ستستغرق عقوداً طويلة" , في وقتٍ تستمر فيه الإستفزازات الأمريكية والأوروبية , ترتفع معه التهديدات خصوصاً ما يتعلق بمحطة زابوروجيا النووية , التي وصفها وزير الدفاع الروسي بـ "الإرهاب النووي" , فأي أمل يقدمونه للدولة الروسية كي تنهي عمليتها العسكرية , خصوصاً وأن تتقدم كما خططت وأرادت , وتستطيع من خلالها إلحاق الضرر بأعدائها , على مبدأ الرد بالمثل.

أخطأت واشنطن بعدم مصارحة حلفائها والرئيس الأوكراني , بأنها تطمع من خلال حرب أوكرانيا إلى إضعاف روسيا , وتحييدها عن المواجهة الكبرى مع الصين.

أما اّن الأوان للرئيس الأوكراني أن يدرك أن تحريض وتسليح واشنطن والناتو , أديا إلى تدمير قوة بلاده العسكرية , وتهجير مواطنيه , وإصابة الإقتصاد الأوكراني في الصميم , ناهيك عن الملامح الواضحة للمشروع الأطلسي – الأمريكي بتقسيم أوكرانيا , ألا زال مستمتعاً بدور البطولة , ومن سيساويه بهتلر أو نابليون , أخشى أن يساويه التاريخ بـ شارلي تشابلن , مع فارق أن الأول قدم لشعبه الألم والدمار, فيما رسم الثاني الفرحة والإبتسامة على وجوه الناس.

مالذي يدفعه للإستمرار في حربٍ غير متكافئة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً , أليس من واجبه جلب السلام لشعبه , فهل يكون ذلك بخطابات أمام الكونغرس الأمريكي , والإتحاد الأوروبي , وبعبارات استفزازية لروسيا وقيادتها , وبطلب تزويده بالمزيد من السلاح ؟ هل فكر في الحصول على دعم العالم الحر العاقل الحكيم لإنجاح مفاوضات السلام , أم يكتفي بإستنساخ مواقف الخارجية الأمريكية !.

لا بد للرئيس الأوكراني والقادة الأوروبيين , من إجراء مراجعة فورية لمواقفهم النابعة من خلال الرؤية الأمريكية لعالمٍ ترفض التخلي عن هيمنتها وسيطرتها عليه , غير اّبهةٍ بدولهم ومصالح شعوبهم , ويخوضون عنها ومعها معركةً فاشلة , تمر عبر كافة صراعاتها حول العالم , بما فيها الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط , والتمرد التايواني على مبدأ الصين الواحدة , ومفاوضات الملف النووي الإيراني , الذي تبدو فيه الدول الأوروبية "يائسة" وتتمنى نجاح العودة إلى الإتفاق – بحسب تصريحات محمد مرندي كبير مستشاري الوفد الإيراني المفاوض في فيينا , وجميعها معارك ىستنتهي على غرار الهزائم الأمريكية في أفغانستان وكوبا وفنزويلا وإيران وسورية ولبنان والعراق واليمن وغير مكان.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

2/9/2022

 

No comments:

Post a Comment