Saturday, September 11, 2021

أفغانستان .. أهمية الدور الروسي والإيراني لإبعاد خطر "اللعبة الأمريكية الكبرى" - م.ميشيل كلاغاصي


من السذاجة بمكان التعامل مع الملف الأفغاني على أنه إنسحاب أمريكي وأطلسي , نتيجة حسابات ضيقة وأن الرئيس بايدن أراد إنهاء صفحة "حروب اللا نهاية وعودة الجنود إلى البلاد" , بالتوازي مع نشاطٍ مكثف لحركة طالبان المؤلفة من مجموعة من الإرهابيين سيئي السمعة , جهلة , متخلفين , متشددين – متطرفين ، أرادوا اليوم أن يكونوا جزءاً من "اللعبة الأمريكية الكبرى" التي تتكشف خيوطها في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

إن هيمنة طالبان على الوضع في أفغانستان ، لا يتعلق فقط بوجود أو إنسحاب القوات الأمريكية والأطلسية , بل يرتبط بشكل وثيق بكافة دول المنطقة , ويعتبر بمثابة بشرى غير سارة للعديد منهم كالصين وباكستان والهند وطاجكستان , بالإضافة إلى روسيا وإيران , ويرتبط بشكل رئيسي بأمنهم الوطني والإقليمي وبموقعهم العالمي على الخرائط الجيوسياسية والعسكرية والإقتصادية الكبرى.

وتبدو طالبان بحاجة لترتيب جدول أولوياتها , وبحسب ما صدر عن غالبية الدول وبما يتوقعونه منها خصوصاً على الصعيد الخارجي , من قمع لجميع أنواع التجاوزات المسلحة والتي قد تتسبب بسرعة إندلاع الحرب الأهلية – المتوقعة- ، والقيام ببسط السيطرة على المناطق الحدودية  وتطبيق النظام والقانون , وتكثيف الإتصالات مع حرس الحدود للدول المجاورة , لمحاصرة أية فوضى , وأي تحركات ونشاطات إرهابية عبر الحدود , وقمع تجارة المخدرات ...

إذ يمكن للدول المجاورة أن تلعب دوراً في التعاون المثمر والمفيد لجميع الأطراف , لصياغة أهدافٍ مشتركة واضحة تمنع إمكانية إنتقال الصراع  من داخل أفغانستان إلى داخل دول الجوار , على خلفية الصراعات الموجودة أصلاً بين دول المنطقة , خصوصاً ما يتعلق بالممر الإقتصادي بين الصين وباكستان , وكافة فروع مشروع الحزام والطريق , والتعقيد الكبير في العلاقات بين الهند والصين وباكستان وبلوشستان ...إلخ , ومكونات المجتمع الأفغاني , ( البلوش , الهزارة , التركمان , الطاجيك ...إلخ ), بالإضافة إلى البشتون الذين يشكلون العمود الفقري لطالبان.

ويبقى التعويل على قوة وحكمة كلٍ من الصين وروسيا وإيران , لمنع إنزلاق الأمور وخروجها عن السيطرة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بأكملها , حيث وصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان بـ"الفرصة لتحقيق الأمن و السلام الدائم في هذا البلد" ، ودعا للتوصل إلى "التوافق" وللقيام "بمصالحة وطنية" ، و"مشاركة كل الأطراف".

لا يمكن المراهنة سلفاً عما سيحدث في أفغانستان ومحيطها وكامل منطقة المحيطين الهندي والهادي , وسط حسابات ومعادلات قد تتغير بالتأثير الأمريكي , وزيادة عدد المنضمين التحالف المناهض للصين , الأمر الذي سيلقي على عاتق روسيا وإيران جهوداً إضافية لتسوية التناقضات بين الجهات الخارجية الرئيسية , وبذل المزيد من الجهود السياسة والدبلوماسية والتجارية – الاقتصادية , بعيداً عن لغة السلاح والعنف والإرهاب والفوضى المحببة للإدارة الأمريكية.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

21/8/2021 

No comments:

Post a Comment