Saturday, September 11, 2021

تداعيات الإنسحاب "الكارثة" على مستقبل العلاقات الأمريكية - الدولية - م.ميشيل كلاغاصي

بتاريخ 14 آب/أغسطس 2021 , تلا الرئيس الأمريكي جو بايدن بيانه حول الإنسحاب من أفغانستان , وتحدث بفخر وإعتزاز عن إنجازات بلاده :"لقد أرسلت أمريكا أفضل شبابها وشاباتها ، واستثمرت ما يقرب من تريليون دولار ، ودربت أكثر من 300 ألف جندي وشرطي أفغاني ، وزودتهم بأحدث المعدات العسكرية ، وحافظت على قوتهم الجوية كجزء من أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة".

في حين كان المشهد على الأرض يرصد الفوضى والإندفاعة الأمريكية لإجلاء موظفيها ودبلوماسييها واّخرون اهتمت بإجلائهم , بالتوازي مع سرعة سيطرة طالبان على السلطة , - على عكس التوقعات الأمريكية -  الأمر الذي أكد فشلها الإستراتيجي , الذي انعكس بدوره على اّلية التخطيط والتنفيذ والإشراف , وأكد عدم إستفادتها من دروس فيتنام , وهذا بحد ذاته شكل أحد أسباب فشلها في أفغانستان ...

كذلك تحدث الرئيس بايدن في 31 آب/ أغسطس 2021, وأكد أن "القرار بشأن أفغانستان لا يتعلق فقط بأفغانستان" , و"يتعلق بإنهاء حقبة من العمليات العسكرية الكبرى" , "ستكون حقوق الإنسان في صميم سياستنا الخارجية" , "لن يتم ذلك من خلال الإنتشار العسكري اللانهائي" , "يجب أن تتغير استراتيجيتنا"... هل يمكن أن ينسحب كلامه على ساحات الشرق الأوسط  , وأهمها العراق وسورية ؟

وعلى الرغم من إدعاءات الرئيس بايدن المتكررة حيال نسف سياسة سلفه ترامب , ها هو مرة أخرى يسير على نهجه , ويحاول الخروج من عباءة أن تكون أمريكا " شرطي العالم" الدور الذي لعبته الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي , من خلال الشراكة المتوحشة مع بعض الدول الأوروبية .

لكن , في السنوات الأخيرة بدأت ملامح القلق والتوتر تصيب بعض دول الناتو , ووصلت حد المجاهرة , ففرنسا وألمانيا , سبق لهما إعلان الرغبة برسم سياساتهما بعيداً عن السياسة الخارجية  لواشنطن , فيما كشفت جولته الأوروبية الأخيرة إلى كورنوال ولقاءات مجموعة السبع وبروكسل ، وزعماء الناتو والاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي , افلاسه واهتمامه بلقاء بوتين كرئيس للولايات المتحدة وليس كزعيم لتحالف أمريكي – أطلسي – أوروبي , مما دفعهم للتسائل عن مستقبل التحاقهم بالركب الأمريكي , كذلك الأمر بالنسبة لبعض الأنظمة الخليجية التي بدأت الإقتراب أكثر فأكثر من الروس والصينيون , وأتى الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان بدون التنسيق مع الحلفاء ليشكل عاملاً إضافياً لتعميق الهوة بين واشنطن وأقرب حلفائها .

إن استيلاء طالبان على السلطة هو "فشل استخباراتي على أعلى مستوى" - بحسب مسؤول عسكري أمريكي سابق - ، في وقت تبذل فيه واشنطن قصارى جهدها لإعادة تحديد علاقاتها عبر جنوب شرق آسيا كحصن أمني وعسكري لمواجهة الصين , الأمر الذي يساهم بدفع بعض الدول الأوروبية - على وجه الخصوص ، ألمانيا وفرنسا - للتفكير بشكل أعمق في تطوير بنية تحتية أمنية وسياسة خارجية مستقلة تماماً عن الولايات المتحدة... وبالتالي ، ستترك - "الكارثة" - بحسب وصف الرئيس الروسي للإنسحاب  - أثراً كبيراً على مستقبل مكانة الولايات المتحدة في العالم.

إن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان سيجعل منها حليفًاً لا يمكن الاعتماد عليه أوروبياً , الأمر ذاته بالنسبة لدول جنوب شرق اّسيا التي لا تؤيد فكرة التحالف ضد الصين , إذ لن تستطيع واشنطن إقناع أحد بالقتال إلى جانبها في حروب غير واضحة المعالم , وقد تنتهي بالفشل والإنسحاب مجدداً , إذ لا تحلم دول الاّسيان بمصير مشابه لدول الناتو.

المهندس: ميشيل كلاغاصي *** 4/9/2021

 

No comments:

Post a Comment