Friday, August 26, 2022

بوتين والعلم .. روسيا الرقم الصعب - م. ميشيل كلاغاصي


مؤخراً , بمناسبة يوم العلم الوطني , وفي خطابٍ رصين , أعلن الرئيس فلاديمير بوتين رسمياً أن روسيا استعادت مكانتها كقوة عالمية , وواحدة من أكثر القوى تأثيراً في العلاقات الدولية , وبأنها أظهرت توافقاً كاملاً مع دورها التاريخي الذي لعبته على مر القرون , بما يتماشى مع متطلبات الإنتقال إلى النظام العالمي متعدد القطبية الجديد.

وأكد الرئيس بوتين , من خلال كلماته المؤثرة وروحه العالية أن :"العلم الوطني يرمز إلى إيماننا بقيمنا التي لن نتخلى عنها , في الحقيقة والعدالة والتضامن والرحمة واحترام تاريخ روسيا المستمر منذ قرون ، وإنجازات وانتصارات أسلافنا التي تلهمنا للدفاع عن وطننا الأم , ولا تسمح بأي هيمنةٍ أو إملاءاتٍ أجنبية , وأصبحت الرغبة في العيش وفقاً لإرادتنا واختيار طريقنا ، جزءاً من الشيفرة الوراثية لشعبنا .. روسيا قوة عالمية قوية ومستقلة , وسنلتزم بالسياسات التي تلبي المصالح الحيوية لوطننا".

لطالما كانت روسيا من بين أكثر الدول تجذراً وتأثيراً في المجتمع الدولي على مدى أكثر من ألف عام في التاريخ , على الرغم من بعض الإستثناءات القليلة , والمحن التي واجهتها نتيجة المحاولات الخارجية للتدخل في شؤونها الداخلية , والتي فشلت في إحباط البلاد وإسقاطها عبر أزمنة الإضطرابات والغزوات الغربية واليابانية خلال الحرب الأهلية التي تمت صناعتها في الخارج ، بالإضافة إلى تفكك الإتحاد السوفيتي ، وكل ما حيك لإستهداف مكانة روسيا الدولية ، ومع ذلك ، لم تعرف سوى النهوض مجدداً والعودة للعب دورها التاريخي.

ومنذ عام 2000 , كان للرئيس بوتين والمؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية , دورٌ كبير في إعادة إحيائها كدولة وقوة عظمى وساهم بإنطلاقتها الجديدة .. على الرغم من عدم إنكفاء المتربصين والأعدء ذاتهم , وجاء قرار الرئيس بوتين ببدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا , ليكون عاملاً حاسماً لتغيير قواعد اللعبة الدولية المعادية , وأظهر استعدادها المسبق للرد والدفاع عن خطوط أمنها القومي الحمراء , في مواجهة عملاء ووكلاء الناتو الذين إمتدوا وتغلغوا في أوكرانيا , وقد أفشل القرار الروسي سيناريوهات الإبتزاز الصاروخي والنووي , الذي حاولت قوى الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة ممارسته لحماية وإطالة أمد صمود النظام أحادي القطب الساقط لا محالة ، الأمر الذي ساعد في الحفاظ على توازن القوى في أوراسيا , وأثبت قوة وثبات وقدرة موسكو على مواجهة العقوبات الغربية , وبإنعكاس نتائجها وتداعياتها على واضعيها ومطبيقها وجميع المشاركين في المشروع المعادي لروسيا , وبمنحها فرصة الإمساك بزمام الأمور من خلال فرض حصولها على ثمن الغاز الروسي بالروبل , وبتعزيز مواجهة الدولار وهيمنته 

إن المواجهة مع الدولار , تعتبر أساسية للنيل من الهيمنة المالية الأمريكية , والتي تعرضت لضررٍ كبير بات من الصعوبة بمكان ترميمه وإصلاحه بسهولة , لا بل سيساهم بتسريع انتقال النظامي العالمي إلى التعددية القطبية , خصوصاً وأنه شجع عديد الدول لحذو حذو روسيا على إمتداد القارتين الاّسيوية والأفريقية , وبعض الدول اللاتينية.

لقد لخص الرئيس بوتين الرؤية الإستراتيجية الكبرى للقوة العظمى متعددة الأقطاب , عندما كشف النقاب في نهاية تموز الماضي عن بيانه الثوري العالمي ، والذي من شأنه أن يلهم بقية العالم لمواصلة العمل معاً لتفكيك الهيمنة الأمريكية ونظامها أحادي القطب.

كانت وستبقى روسيا الرقم الدولي الصعب , القادر على لجم قوى الهيمنة والإستعمار والإستبداد , وأصبحت روسيا – بوتين عنواناً لردع النازيين والفاشيين والمتطرفين حول العالم , ولأصحاب خرائط الحروب وتقسيم الدول وإضعافها وسحق شعوبها وسرقة ثرواتها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/8/2022

 

No comments:

Post a Comment