Saturday, October 22, 2022

تركيا تقحم ليبيا في الصراع الدولي على الغاز والنفط - م. ميشيل كلاغاصي


مؤخراً وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول , وقع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو ، ونظيرته نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية في شمال ليبيا ، مذكرتي تعاون بين البلدين في قطاع النفط والغاز ، بما في ذلك التنقيب المشترك , كما وقع وزيرا الإقتصاد والتجارة في شمال إفريقيا محمد الحويج ونظيره التركي فاتح دونماز , عدد من الإتفاقيات الثنائية.  

وخلال المؤتمر الصحفي في طرابلس , والذي تلا توقيع المذكرات , صرح وزير الخارجية التركي ، أن تركيا أرادت توقيع اتفاقية للغاز مع الدولة الليبية , والتي وبموجبها ستمنح الشركات التركية تراخيص للتنقيب عن النفط والغاز" , بناءاً على اتفاقية الحدود البحرية الموقعة بينهما في عام 2019 ، والتي رفضتها اليونان وقبرص وانتقدتها مصر , بإعتبارها تشمل المناطق المتنازع عليها" شرق البحر المتوسط , كذلك قوبل الإتفاق برفض البرلمان الليبي في شرقي البلاد التابع لحكومة فتحي باشاغا.

ومن خلال إجاباتٍ استفزازية , أكد الوزير التركي , أن مذكرات وإتفاقيات التعاون التي تم توقيعها من شأنها "تحقيق الفائدة لكلا البلدين" , بعيداً عما يفكر به الاّخرون , مضيفاً "أنه لا يحق للدول الأخرى التدخل" , في ردٍ مباشر على مواقف مصر واليونان اللتان اعتبرتا أن حكومة الوحدة الوطنية المنتهية في طرابلس منتهية الشرعية , ولا تملك سلطة إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم.

في حين أكد عبد الحميد دبيبة رئيس الوزراء الليبي لحكومة الوحدة الوطنية ، خلال اجتماع حكومي في 6 أكتوبر، إن تركيا وليبيا ستعملان بشكل مشترك  وبحسب المذكرة على التعاون في مجال الهيدروكربونات ( استكشاف وإنتاج ونقل وتكرير وتوزيع وتجارة الهيدروكربونات ، وإنتاج وتجارة النفط والغاز والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المتنوعة ) وفقاً للقوانين واللوائح الوطنية ، وتبادل المعلومات والخبرات وتدريب الموارد البشرية ، وتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كلتا الدولتين.

في وقت سابق ، قال وزير النفط والغاز الليبي في حكومة الوحدة الوطنية ، وفقاً لدراسة أجرتها وزارة الخارجية , إن اتفاقية عام 2019 لترسيم الحدود البحرية مع تركيا منحت ليبيا منطقة مائية ضخمة حيث اكتشفت ليبيا 29 حقلاً نفطياً و 12 حقلاً غازياً ، في وقتٍ  قال فيه رئيس الأركان التركي السابق للقوات البحرية الأدميرال جهاد يايجي ، إن قيمة الإحتياطيات شمال الولاية البحرية الليبية تعادل نحو 30 تريليون دولار.

لم تسلم الإتفاقيات الموقعة بين الوزيرين أوغلو – النقاش من الإنتقاد , وأثارت ردود فعل متناقضة محلياً وإقليمياً ودولياً , وبحسب وسائل الإعلام , شككت كل من اليونان ومصر في شرعية ما حصل , واتفقتا على تنسيق إجراءاتهما المشتركة بشأن المذكرات الموقعة , وبأن اليونان لن تتسامح مع أي انتهاكات لإتفاقية عام 2020 التي وقعتها مع مصر , وبأنها ستدافع عن حقوقها السيادية على أساس القانون الدولي ، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

كذلك أعرب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عن معارضته الشديدة للإتفاق ، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بعدم الإعتراف بالإتفاقيات الموقعة بين حكومة الوحدة الوطنية الليبية وتركيا , وكان صالح قد شدد في وقت سابق على أن توقيع الإتفاقيات الدولية هو من اختصاص حكومة فتحي باشاغا المنتخبة من قبل البرلمان , والتي أدى وزرائها اليمين الدستوري أمام البرلمان في مدينة طبرق في شهر اّذار الماضي , كذلك أعلن أعضاء المجلس الأعلى للدولة الليبية رفضهم التوقيع على الإتفاقية ، معتبرين أنها "غامضة".

وعلى المقلب التركي , اعتبرت أنقرة أن مواقف كل من مصر واليونان منحازة , وقد تبدأ السفن التركية  بعمليات المسح والإستكشاف في غضون بضعة أشهر – بحسب الأدميرال التركي السابق جهاد يايجي – وأشار إلى حقيقة معارضة اليونان للإتفاق , متهماً أثينا بالتخطيط "لإبتلاع مساحة بحجم أربع جزر قبرصية في البحر الأبيض المتوسط".

يبدو أن الصراع حول التنقيب عن الغاز في شرقي البحر الأبيض المتوسط  يشتد ويتفاقم بشكلٍ خطير , في ظل حرب الولايات المتحدة والدول الأوروبية على روسيا , وسط الإعلان عن محاصرة روسيا ووقف إمدادات أنابيبها للطاقة والغاز , الأمر الذي يفترض البحث عن المصادر البديلة , بهدف دعم وتعزيز أمن الطاقة للدول الأوروبية بالدرجة الأولى , فضلاً عن عديد الدول الأخرى , ولا يمكن استبعاد أية نتائج لإنخراط  تركيا وليبيا ومصر واليونان وفرنسا وغيرها , في التصعيد الجديد في شرقي البحر الأبيض المتوسط.

وعلى الرغم من حرص الولايات المتحدة على عدم ظهورها في المشهد الليبي , لكنها حاضرة وبقوة من خلال أدواتها المحلية داخل ليبيا , وتحت أقنعة الدول التي تدور في فلكها وتأتمر بأوامرها , وباتت أهدافها مكشوفة وواضحة ، بعدما ساهمت بشكل كبير في تدمير ليبيا وتأجيج الصراع فيها ومحاولة تقسيمها، واستغلال ملفها وثرواتها لتأجيج الصراع الدولي حول خصومها وأعدائها وحتى من يعتقدون أنفسهم أصدقائها.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

13/10/2022

 

No comments:

Post a Comment