Monday, December 19, 2022

رسائل الإنذار السوري الأخير .. أمريكا راعية الإرهاب واللصوصية حول العالم - م. ميشيل كلاغاصي


منذ عقود لا تزال الولايات المتحدة تخطط للعدوان على الدول والشعوب , وتتحرك باّلتها العسكرية , وعملائها ووكلائها الإرهابيين , وتسيطر على موارد الدول وثرواتها , وتدمر اقتصادياتها , وتقتل الناس , وتسرق ما تسرق , وكأن شيئاً لم يكن ...! لا يمكن لأي دولةٍ شريرة أن تُنافس الولايات المتحدة على صدارة لائحة الدول الإرهابية حول العالم , ومع ذلك تذهب بعيداً بمحاسبة ومقاضاة من يعترض طريقها , بأساليبها الخاصة , كالعقوبات والغزو ومضاعفة الإرهاب , وتسييس كل ما يمكن وما لا يمكن تسييسه , لأجل الإبقاء على ضغوطها وهيمنتها على الشعوب والدول ...

 لا يمكن تجنب وصفها بالدولة اللصة , وكذلك ساستها بأنهم أسوأ الشخصيات في المشاهد السياسية وأكثرهم وقاحةً , وما تبجح به الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب بقوله:" أصبح النفط السوري في قبضتنا", وهذا كافٍ لنسف إدعاءاتها وأكاذيبها لتبرير وجودها اللاشرعي على الأراضي السورية , وبأنها هنا من أجل "محاربة تنظيم داعش الإرهابي , وإذ بها تقصف المدن السورية بصواريخ التوماهوك , وتدمر مدينة الرقة بالفوسفور الأبيض , وتقصف مواقع وعناصر الجيش العربي السوري في جبل الثردة – ريف دير الزور, وفي عدة مواقع أخرى , وتقيم عشرات القواعد العسكرية على الأراضي السورية , وتُطلق أيادي قواتها العسكرية لتنفيذ جوهر مهامها على الأراضي السورية , بحرق وسرقة الأقماح السورية , وبإخراج مئات الصهاريج والأرتال المحملة بالنفط السوري المسروق , على الرغم من إدعائهم السعي لتحقيق أهدافٍ استراتيجية في سورية , ومحاربة تنظيم "داعش" , لكن ما تبين وتأكد وما تم توثيقه , بأنهم يسعون وراء استراتيجية "السرقة واللصوصية" الأمريكية.

تبدو الولايات المتحدة أخطر مما يمكن تصوره لدولةِ عدوانٍ وإحتلال حول العالم , بعدما باتت تتصرف من خلال اعتقادها بإمتلاكها حق العدوان وإراقة الدماء وسرقة الدول والشعوب , وبتهديد وحدة وسلامة أراضيهم , وبإنتهاك سيادتهم , وأمنهم القومي , وحتى بمعاقبتهم ومحاسبتهم ومقاضاتهم , وباتت مهمة إيقافها , وكف يدها عن رقاب الدول والشعوب مهمةً تبنتها بعض الدول كسورية وإيران وروسيا والصين وفنزويلا واليمن وغيرهم , وبإنهاء عصر هيمنتها الأحادية على العالم , في غياب وصمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن , وتأييد أشرار العالم كحلف "الناتو" والإتحاد الأوروبي , وغيرهم .

وفي هذا السياق , بات واضحاً أن الإتحاد الأوروبي ينوب عند الطلب والتكليف عن سيده الأمريكي , بالتمهيد لسرقة ثروات ومقدرات الدول والشعوب , ولتكريس وفرض قواعد مشابهة لما تم فرضه على الأصول والأموال الإيرانية , وهي بطبيعة الحال قواعد للقرصنة البحتة , وعليه يسعى الإتحاد الأوروبي إلى قرصنة الأصول الروسية المجمدة , وسرقة الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي الروسي و"إعادة استثمارها" في أوكرانيا , تحت عنوان تمويل مشروع "إعادة بناء الإقتصاد الأوكراني" ، الذي مزقته الحرب التي فرضتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على جميع الأطراف.

وتجدر الإشارة إلى إن الأصول الروسية المجمدة جراء العقوبات الأمريكية والإتحاد الأوروبي , وهي أصولٌ خاصة تقدر قيمتها بنحو 19 مليار يورو , وأصول حكومية مملوكة لكيانات حكومية تبلغ قيمتها حوالي 300 مليار يورو , من الإحتياطيات الدولية التي يحتفظ بها البنك المركزي الروسي.

ومن خلال "عبقرية" اللصوص وببغائية "القطيع الأوروبي" الوكيل , رأت المفوضة الأوروبية أورسولا فون دير لاين ، أنه :"يجب على روسيا أن تدفع مقابل الدمار الذي تسببت فيه" , ويتعين على موسكو "تعويض أوكرانيا عن الأضرار وتغطية تكاليف إعادة بناء البلاد" , في وقتٍ لا يمكن "للزعيمة" الأوروبية قول الحقيقة , وبأنهم كإتحاد لـ 27 دولة أوروبية , يعانون في خضم أزماتهم الداخلية التي نشأت بفضل اندفاعهم وراء "سحق الاقتصاد الروسي" , من ارتفاع التضخم ، وينظرون إلى تجميد وبيع الأصول الروسية كفرصة لملء جيوبهم بالأصول الروسية , بغياب ما يُثبت بأن وجهة تدفق الأموال ستكون نحو أوكرانيا ، خصوصاً وأنهم جميعاً "ينعمون" برصيد وتاريخ لصوصي معروف تماماً , كدول استعمارية , إعتادت السرقة والنهب .

السؤال يطرح نفسه ، هل يتوجب على موسكو دفع فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا , الناجمة عن حربٍ شنتها واشنطن والناتو والإتحاد الأوروبي , وقاموا بتهديد أمن روسيا القومي , وبمجمل المجازر والإعتدءات والإستفزازات , التي أجبرت روسيا على القيام بعملية عسكرية خاصة للدفاع عن نفسها وشعبها , تلك الحرب لم يحاول الغرب منعها , والحوار من أجلها , بل على العكس قام الإتحاد الأوروبي بتمويلها وبنقل أسلحته ومعداته العسكرية وقواته نحو الحدود الروسية قبل اندلاع الحرب ,  ولعب دور المحرض الرئيسي لنشوبها , ويتوجب عليه أن يدفع هو والناتو والولايات المتحدة مقابل الأضرار التي لحقت بأوكرانيا وبروسيا.

ولا بد من توجيه السؤال للسيدة أورسولا فون دير لاين , لماذا لم يتم تطبيق مثل هذه الجهود على الحروب والغزوات المباشرة وغير المباشرة , التي شنتها وقادتها الولايات المتحدة على العديد من دول العالم , والتي أدت إلى تدمير وخراب لا يمكن تخيله حتى ؟ ..وعلى سبيل المثال , فقد أدى الغزو الأمريكي لأفغانستان واحتلاله لمدة 20 عامًا , للإنتهاء به بلداً مدمراً يعج بالإرهاب والإرهابيين , لا يتوقف فيه العنف والمذابح وغيرها من الفظائع , كذلك ألحق الغزو الأمريكي للعراق دماراً وتخريباً وعدداً قياسياً للضحايا والمصابين والجرحى , دون أن ننسى ما فعلته في فيتنام , الصومال , باكستان , والقارة الأفريقية , ناهيك عن فظاعة أفعالها في سورية وليبيا واليمن.  

فهل توافق السيدة فون دير لاين على تجميد الأصول الأمريكية واستخدامها لتمويل إعادة إعمار تلك الدول وتعويض أسر المدنيين الذين قضوا فيها جراء الغزو الأمريكي؟

ومن المثير للإهتمام ، رؤية العلاقة والإرتباط وتزامن وجود الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو , والجماعات الإرهابية في المكان والزمان !, لقد فعلتها هيلاري كلينتون وفضحت بلادها وبأنها صنّعت تنظيم "داعش" وأطلقته , ليقود بإجرامه سياساتها تجاه الدول والشعوب , كما سبق لها وخلقت عصاباتها من داخل مستوطنيها , الذين أبادوا السكان الأصليين واحتلوا أرضهم , تبدو صناعة الإرهاب صنعة وبصمة أمريكية بحتة , ولم تقدم للعالم سوى القتل والعنف والخراب والتدمير والسرقة واللصوصية المحترفة.

وفي الحديث عن الإرهاب الأمريكي في سورية , يدرك ويراقب ويرى العالم ومنظماته الأممية والإنسانية , بأن الجيش الأمريكي لا يزال يحتل مناطق واسعة في شرق وشمال شرق سوريا ، ويستمر بنهب النفط السوري ، ويمنع دمشق من إعادة بناء اقتصادها وبناها التحتية التي دمرتها الحرب الأمريكية – الدولية - الإرهابية على سورية.  

فبعد سنوات لمحاربة الإرهاب الأمريكي وأدواته الدولية والإرهابية , تحولت سورية إلى أيقونة الصمود والنموذج الأول في العالم , الرافض للاحتلال والتعدي على السيادة , ووحدة الأرض والشعب , والمقدرات والثروات السورية , وفي دليلٍ قاطع على ما اقترفته أيدي الإرهاب الأمريكي , قدمت وزارة الخارجية السورية بعض المعلومات والإحصاءات عبر بيانها في 13/12/2022 , وبينت فيه حجم الخسائر المباشرة لإعتداءات قوات الإحتلال الأمريكي والميليشيات والكيانات الإرهابية التابعة له قد بلغت 25.9 مليار دولار" , في حين تجاوزت الخسائر غير المباشرة 86 مليار دولار" , وبإجمالي 111.9 مليار دولار , خسائر في قطاع النفط السوري.

لقد أحرجت الخارجية السورية كلاً من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن , من خلال رسالتها لهما , والتي تضمنت شرحاً مسهباً للممارسات الأمريكية العدوانية المتواصلة ، من خلال استمرار وجود قواتها بشكل غير شرعي على أجزاء من الأراضي السورية في الشمال الشرقي وفي منطقة التنف ، مشيرة إلى أفعال قوات الإحتلال الأمريكي والميليشيات المرتبطة به , وتواصل عمليات النهب المنظم للنفط والقمح وغيرهما من الثروات الوطنية للشعب السوري , وطالبت الأمم المتحدة "بوقف انتهاكات الولايات المتحدة وحلفائها للقانون الدولي وأحكام الميثاق وضمان التعويض عنها، وإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية وإعادة حقول النفط والغاز التي تحتلها إلى الدولة السورية".

تبدو رسائل وزارة الخارجية بمثابة إنذارٍ أخير , تشي بأن صبر دمشق الإستراتيجي قد نفذ , ولن تستطيع واشنطن تحمّل تبعات الإنطلاقة الكبرى للمقاومة الشعبية المدعومة من الجيش العربي السوري , وعليه أظهرت الرسائل الحزم والغضب في إشاراتها الصريحة إلى "صمت مجلس الأمن والأمانة العامة" عن إدانة ممارسات قوات الاحتلال الأمريكي ونهبها النفط السوري وتخريبها البنى التحتية ، ولتجاهلهما معاناة الشعب السوري جراء الحصار والإجراءات الإقتصادية القسرية التي تفرضها واشنطن وبروكسل , تلك الممارسات والإجراءات التي تصل حد إعتبارها "جرائم الحرب" ، تزيد معاناة الشعب السوري، وتمنع جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، , كما طالبت رسائل الخارجية "بوجوب رفعه العقوبات بشكلٍ , وبالتحرك العاجل للإرتقاء بالوضع الإنساني وتوفير الظروف المناسبة للعودة الطوعية الآمنة والكريمة للمهجرين واللاجئين إلى وطنهم".

وتبقى دمشق التي يعترف العالم بجمالها وسلامها , وبدورها ومكانتها الحضارية والإنسانية والثقافية , وبأبجديتها الأولى التي صدرتها إلى كافة أنحاء العالم , تستحق تضامن كافة دول وعواصم وشعوب العالم الحر , والتظاهر بالملايين , لرفع الصوت والهتاف :" كفوا يدكم عن سورية , ودعوها تفوح بعطرها وتنثر ياسمينها حول العالم مجدداً".

م. ميشيل كلاغاصي

17/12/2022

 

No comments:

Post a Comment