Wednesday, June 7, 2023

الخميس الأسود في فرنسا .. هل ينتصر ماكرون على شعبه ؟ - م. ميشيل كلاغاصي


بات واضحاً أن السياسة الإستبدادية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون , أطاحت بعطور فرنسا واستبدلتها بروائح 7000 طن من القمامة التي تملىء شوارع باريس , ولأجل محاربة روسيا وتدمير اقتصادها , انتظر الفرنسيون الربيع لحين تجاوز البرد , لكنهم اليوم يخشون ارتفاع الحرارة وانتشار الأمراض والأوبئة وتضاعف أعداد الحشرات والجرذان والفئران .. تظاهرات وغضب ومواجهات واشتباكات وعنف الشرطة ضد المتظاهرين في الشارع الفرنسي .. هل سيسقط ماكرون وحكومة بورن؟ في وقتٍ صعّدت فيه المعارضة لهجتها ، ووصف ميلونشون الرئيس ماكرون بالكاذب , كلّ المدن الفرنسيّة "تغلي" والسبب تعنّت الحكومة في تمرير قانون التقاعد الذي أصدره ماكرون , ويبقى السؤال: أين حريّة التظاهر، وحرية التعبير؟ أين حقوق الإنسان أم أنها مسرحية غربية معدة للتصدير الخارجي فقط ؟

لقد وضع الرئيس ماكرون بلاده على حافة انفجار العنف والفوضى , واُجبرعلى إلغاء زيارة الملك تشارلز إلى فرنسا التي كانت مقررة في 26/3/2023 , وكان جدولها يتضمن زيارة الملك مدينتي باريس وبوردو , اللتان شهدتا بالأمس يوماً فوضوياً عنيفاً وبإمتياز , خاض غماره مئات الاّلاف من المدنيين السلميين , وبضعة مئات من البلطجية بثيابهم السوداء , وشهدتا كبقية مدن الإحتجاجات الفرنسية ومحتجيها أعنف المواجهات مع رجال الشرطة , ووصل عدد المحتجين بالأمس إلى مليون و900 ألف متظاهر , ولم تستطيع وحدات الشرطة المشكلة حديثاً - بعد احتجاجات السترات الصفراء , لمثل هذه الأحداث والمدربة على أعلى المستويات - , منع بعض المتظاهرين من تحطيم ونهب المتاجر والمصارف والمطاعم , وتم تسجيل سقوط أكثر من 400 شرطي بين مصاب وجريح , على الرغم من رسالة وزير الداخلية الفرنسية للمحتجين من أصحاب الثياب السوداء ومن وصفهم بالمتطرفين اليساريين , ليلة الخميس بأن: "العنف لن ينجح" , وقد استطاعت وحداته الشرطية إلقاء القبض على عددٍ كبير من المحتجين تجاوز الـ 750 محتجاً , فيما أصبح يوم الخميس 23/ اّذار يعرف بـ "الخميس الأسود" في فرنسا.

وعلى غرار فوضى الشارع , انتشرت فوضى التصريحات وتوجيه الإتهامات , وسط رفض النقابات دعم أو دخول الأحزاب على خط التظاهر, ووسط غياب الثقة والخشية من التسوية السياسية للأحزاب مع الحكومة , ويطرح السؤال نفسه , هل سيمضي ماكرون نحو "الإنتصار" على النقابات ؟ أم سيفكر في التراجع ؟ وهل يستطيع التراجع الاّن؟ , وإلى أي مدى تبدو حشود الغاضبين مستعدة للذهاب بالتعبيرعن الغضب والظلم الذي يشعر به غالبية الشعب الفرنسي؟  

لكن ماذا عن وضع رجال الشرطة والوحدات الشرطية بالنسبة للشعب الفرنسي ؟ في ظل التعادل في نسبة من يثقون بهم ومن يعتبرونهم "حماة الجمهورية" , وبين من يرونهم قتلة بعد احتجاجات السترات الصفراء عام 2018 , بالإضافة إلى مشاهد اليوم والعنف الذي يمارسه رجال الشرطة معهم , بالإضافة إلى أن غالبية رجال الشرطة من اليساريين , الذين صوّت ساستهم بالأمس القريب لصالح مارين لوبان في الإنتخابات الرئاسية , ووسط تصريح النائب اليساري فرانسوا روفين يوم الأربعاء بأن "العنف يصب في مصلحة الرئيس , ويسمح له بتقديم نفسه على أنه ضامن للنظام".

لم يكن الرئيس ماكرون موفقاً في مقابلته التلفزيونية يوم الأربعاء , ولم يقدم للمحتجين ما ينتظرونه منه , للإقلاع عن الخروج لليوم التاسع بحسب أجندة التظاهر, حيث اعترف على الهواء مباشرةً بأن فرنسا "تعيش أوقاتاً مضطربة" , وبأن "الناس محقة في قلقها واحتجاجها", لكنه حذّر من أنه "لن يتسامح مع أي سلوك متطرف" , ولم يقدم أياً من الحلول , رغم حديثه عن إمكانية لقائه برؤوساء النقابات , لكن "ليس لمناقشة قانون التقاعد" , ما يؤكد أنه لا يفكر بالتراجع خصوصاً بعد أن تم إقرار القانون , الذي إلتف وأختبىء لأجله وراء بعض الفقرات القانونية , لينسف تصويت البرلمان , وأنه يفضل عدم الرضوخ للمحتجين والغوغائين , وبالتأكيد سيحاول الحفاظ على سمعته وصورته في الداخل والخارج , اللتين تجعلانه يعتقدهما واهماً , بأنه القائد الفرنسي والإوروبي الأول , وبات عليه مواجهة تظاهرات اليوم العاشر الثلاثاء المقبل , وما قد يحمله من مفاجئات ومخاطر, وبذلك يضع فرنسا أمام قانون الإحتمالات والخيارات الصعبة.

م. ميشيل كلاغاصي

24/3/2023

 

No comments:

Post a Comment