Tuesday, December 7, 2021

واشنطن تحوّل أولمبياد 2022إلى سلاح ضد بكين - م. ميشيل كلاغاصي


بشغفٍ ولهفة ينتظر العالم موعده الشتوي مع الباندا الصينية العملاقة , الشعار والرمز الوطني الصيني الحصري لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في نسختها الرابعة والعشرين التي تستضيفها الصين , تحت عناوين "الجليد والنقاء والقوة والصحة والبهجة , وذلك خلال الفترة من 4 إلى 20 شباط/فبراير 2022,  وبذلك تكون بكين أول مدينة في التاريخ تستضيف دورتي الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية.

تبدو الصين مستعدة تماماً لإستضافة هذه الأحداث الرياضية , من حيث الملاعب والمرافق والبنى التحتية , وعلى مستوى ضمان السلامة وتحديداً تجاه فيروس كوفيد – 19 ونسخه الجديدة , والذي قد يشكل تحدياً خاصة في الملاعب والصالات المغلقة , حيث اهتمت بتوفير40 منشأة طبية إضافية خاصة بالحدث , وبإجراءات الحجر للوافدين من الخارج والتلقيح وغير ذلك , بالإضافة إلى الألعاب النارية ومهرجان الفوانيس الصينية الشهير, نتيجة التزامن مع الإحتفال برأس السنة الجديدة في بكين.

وقد دعا الرئيس الصيني عدداً كبيراً من الرؤساء والساسة , وعلى رأسهم  دعا "صديقه" الرئيس بوتين , لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية , وسط تأكيد وسائل الإعلام الصينية على أن حضور الرئيس الروسي هو قرار مهم يرتبط مباشرة بالطبيعة الخاصة للعلاقات الصينية الروسية.

وسبق للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أن حضر عام 2008 أول دورة ألعابٍ أولمبية تستضيفها الصين , وحاول عشية وصوله إلى بكين استفزاز الصينيين والخروج عن سياق الحدث الرياضي , واستغلاله لصالح المواقف السياسية , وعبّر – يومها – عن قلقه حيال حقوق الإنسان في الصين , في إشارةٍ واضحة إلى الأوضاع في التيبت... واليوم يحاول الرئيس بايدن فعل الشيء نفسه , وإخراج الحدث الرياضي من سياقه الطبيعي , الذي يحمل عادةً الفرح والمتعة الممزوجين بالإنتصارات والإنجازات الرياضية وحصد الميداليات , في مشهدٍ جماهيري عالمي  يجمع كافة شعوب الأرض , تغيب في السياسة , وتُرفع فيه جميع أعلام الدول على وقع عزف أناشيدها الوطنية , ويحضرنا هنا قول الرئيس الراحل حافظ الأسد بقوله :"إرى في الرياضة حياة".

لكن الذهنية السياسية الأمريكية وغرفها المظلمة , لا تبحث من خلال الأحداث الرياضية عن السلام واللقاء والمنافسة الرياضية الجميلة , بل تسعى إلى تحويل الرياضة إلى سلاح , وتفكر في مقاطعة أولمبياد بكين 2022 , من بوابة عناوين سياسية وعلى رأسها "حقوق الإنسان" ذاتها التي تحدث عنها الرئيس ج.د. بوش سابقاً , بالإعتماد على الدول التابعة والطائعة لها , وسرعان ما تبنت مجموعات حقوق الإنسان الغربية في كندا والنرويج والمملكة المتحدة المهمة.   

تدرك الصين أبعاد العزف الأمريكي على وتر حقوق الإنسان في الصين , وسبق للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان الإشارة إلى أن "الولايات المتحدة تتقصد استخدام حقوق الإنسان كذريعة لتشويه سمعة الصين" ... فقد سبق لرئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أن دعت المجتمع الدولي لمقاطعة الألعاب الأولمبية الصينية , وأصدر البرلمان الأوروبي قراراً يحث الدبلوماسيين على تجاهل الألعاب الأولمبية , وتم توقيع وثيقة مماثلة في بريطانيا بزعامة وزيرة الخارجية ليز تروس ورئيس الوزراء جونسون , كذلك تحدثت "رويترز" مؤخراً ، عن إقتراح مجموعةٍ من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري ، تعديلاً على مشروع قانون الميزانية من شأنه فرض مقاطعةٍ دبلوماسية على أولمبياد الصين 2022 .

وإذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أكد علناً أن بلاده "تدرس احتمال المقاطعة الدبلوماسية لأولمبياد بكين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الصين" والإبقاء على مشاركة الرياضيين الأمريكيين , إلاّ أن بعض السياسيين ذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير, وطالبوا بأن تكون المقاطعة كاملة , ووصفوا أولمبياد بكين بـ "أولمبياد الإبادة الجماعية".

وحتى موعد إفتتاح الأولمبياد الصيني , لا يمكن استبعاد رؤية المزيد من التصعيد الأمريكي وجوقة الدول التابعة , والوصول إلى أقصى الحملة الإعلامية والسياسية , والتي تصب نهاية الأمر في خانة تحقيق بعض المكاسب الأمريكية , بإعتبارها أهداف إعلامية سياسية إقتصادية , تسعى إليها واشنطن عبر تحويل الرياضة بشكل عام , والأولمبياد في بكين إلى سلاح .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

6/12/2021 

No comments:

Post a Comment