أيام قليلة تفصلنا عن موعد إنعقاد أولى قمم الديمقراطية
, والتي تنظمها الولايات المتحدة , وتضم من أطلقت عليهم "قادة الحكومات , والمجتمع
المدني , والقطاع الخاص ، الذين تم إختيارهم من قبل الولايات المتحدة بنفسها ,
ونصبت الرئيس بايدن مستضيفاً وقائداً وحكماً في تصنيف الدول
"الديمقراطية" المدعوة , و"اللا ديمقراطية" غير المدعوة , في
نية واضحة لإنتهاز القمة فرصةً إعلامية لصفع خصومها وأعدائها غير المدعويين ,
ولحظةً فارقة لتقسيم العالم إلى فريقين متعاكسين متناقضين متقابلين كجيشين في ساحة المعركة ينتظرا شارة بدء
الهجوم والمواجهة .
ولأجل عقد هذه القمة , قامت واشنطن بتوجيه الدعوات إلى 111 دولة , من خلال تصنيفهم في ثلاث فئات , حيث
تضم الفئة الأولى 77 دولة أطلقت عليها اسم دول "حرة" أو دول
ديمقراطية بالكامل ، وضمت الفئة الثانية 31 مدعواً آخر على أنهم "أحرار جزئياً"
، فيما جاءت 3 دول في فئة "غير الحرة".
وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية , فقد قام فريق بايدن
بالتحضير لهذه القمة , وأجرى مناقشات وطرح الأفكار والمبادرات والمحفزات , وبأنه سيتم
تشجيع القادة على الإعلان عن إجراءات والتزامات محددة لإصلاحات داخلية ومبادرات دولية
تساهم في تحقيق أهداف القمة , وتشمل هذه التعهدات مبادرات محلية ودولية لمكافحة الإستبداد
ومحاربة الفساد وتعزيز إحترام حقوق الإنسان.
ومن خلال الغموض المحيط
بأفكار وتعابيرالقمة ومفرداتها , يصعب التكهن بحقيقة نواياها وسلوكها
لاحقاً .. فقد ناقش فريق بايدن إحدى المبادرات التي تدعو إلى إقامة تحالف دولي
لتعزيز حرية الإنترنيت تحت مسمى "التحالف من أجل مستقبل الإنترنت" ، كما
تم طرح قائمة بالإلتزامات التي يمكن أن تقدمها البلدان الأخرى ، مثل زيادة الأموال
لبرامج محو الأمية الإعلامية , وسن الضوابط على تصديرعلى بعض التقنيات ذات الإستخدام
المزدوج.
إن تركيز القمة على عناوين ومفردات ومصطلحات كـ "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان"
و "مكافحة الفساد" , يبدو كمحاولة لتأمين غطاءٍ للحفاظ على أو إعادة تأكيد
التفوق الغربي حول العالم بعد تراجعه الكبير, فيما يبقى تسمية القمة بـ قمة
الديمقراطية" وحده يثير الشكوك , في وقتٍ تندفع فيه واشنطن نحو قيادة العالم عبر إعتلاء ظهر تلك
التعابير والمفردات , وهي دولة الغطرسة , والهيمنة , والقوة والإحتلال والبطش ,
بعيداً عن حقوق الإنسان في الداخل الأمريكي وخارجه , وتقود برشاويها وإبتزازها
وسلوك ساستها الفساد الدولي برمته.
كما أنه لا يوجد بلدٌ في العالم لم يتذوق
"طعم" الديمقراطية الأمريكية , بدءاً من الهنود الحمر , وصولاً إلى
ناغازاكي وهيروشيما , وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا ...إلخ , تلطخت من خلالها
الأيدي الأمريكية بدماء الأبرياء , وحطمت أسوار أوطانهم , وغيرت وجوه قادتهم
وأسماء بلادهم وأعلامهم.
بالتأكيد سيكون مؤتمر القمة من أجل الديمقراطية , دليلٌ
إضافي على الإستبداد الأمريكي ، وتعزيزٌ لغطرسة وهيمنة "الإمبراطورية"
الأمريكية , ولا بد له أن يقود إلى نتائج معاكسة لمخططاتها الخبيثة , وسيساهم
بتسريع سقوطها وأفولها .
المهندس: ميشيل كلاغاصي
No comments:
Post a Comment