Tuesday, December 7, 2021

"قمة الديمقراطية" – غموضٌ وشكوكٌ وتعزيزٌ للإمبراطورية المتوحشة - م. ميشيل كلاغاصي


أيام قليلة تفصلنا عن موعد إنعقاد أولى قمم الديمقراطية , والتي تنظمها الولايات المتحدة , وتضم من أطلقت عليهم "قادة الحكومات , والمجتمع المدني , والقطاع الخاص ، الذين تم إختيارهم من قبل الولايات المتحدة بنفسها , ونصبت الرئيس بايدن مستضيفاً وقائداً وحكماً في تصنيف الدول "الديمقراطية" المدعوة , و"اللا ديمقراطية" غير المدعوة , في نية واضحة لإنتهاز القمة فرصةً إعلامية لصفع خصومها وأعدائها غير المدعويين , ولحظةً فارقة لتقسيم العالم إلى فريقين متعاكسين متناقضين متقابلين كجيشين في ساحة المعركة ينتظرا شارة بدء الهجوم والمواجهة .

ولأجل عقد هذه القمة , قامت واشنطن بتوجيه الدعوات إلى  111 دولة , من خلال تصنيفهم في ثلاث فئات , حيث تضم الفئة الأولى 77 دولة أطلقت عليها اسم دول "حرة" أو دول ديمقراطية بالكامل ، وضمت الفئة الثانية    31 مدعواً آخر على أنهم "أحرار جزئياً" ، فيما جاءت 3 دول في فئة "غير الحرة".

وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية , فقد قام فريق بايدن بالتحضير لهذه القمة , وأجرى مناقشات وطرح الأفكار والمبادرات والمحفزات , وبأنه سيتم تشجيع القادة على الإعلان عن إجراءات والتزامات محددة لإصلاحات داخلية ومبادرات دولية تساهم في تحقيق أهداف القمة , وتشمل هذه التعهدات مبادرات محلية ودولية لمكافحة الإستبداد ومحاربة الفساد وتعزيز إحترام حقوق الإنسان.

ومن خلال الغموض المحيط  بأفكار وتعابيرالقمة ومفرداتها , يصعب التكهن بحقيقة نواياها وسلوكها لاحقاً .. فقد ناقش فريق بايدن إحدى المبادرات التي تدعو إلى إقامة تحالف دولي لتعزيز حرية الإنترنيت تحت مسمى "التحالف من أجل مستقبل الإنترنت" ، كما تم طرح قائمة بالإلتزامات التي يمكن أن تقدمها البلدان الأخرى ، مثل زيادة الأموال لبرامج محو الأمية الإعلامية , وسن الضوابط على تصديرعلى بعض التقنيات ذات الإستخدام المزدوج.

إن تركيز القمة على عناوين ومفردات ومصطلحات  كـ "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان" و "مكافحة الفساد" , يبدو كمحاولة لتأمين غطاءٍ للحفاظ على أو إعادة تأكيد التفوق الغربي حول العالم بعد تراجعه الكبير, فيما يبقى تسمية القمة بـ قمة الديمقراطية" وحده يثير الشكوك , في وقتٍ تندفع فيه واشنطن نحو قيادة العالم عبر إعتلاء ظهر تلك التعابير والمفردات , وهي دولة الغطرسة , والهيمنة , والقوة والإحتلال والبطش , بعيداً عن حقوق الإنسان في الداخل الأمريكي وخارجه , وتقود برشاويها وإبتزازها وسلوك ساستها الفساد الدولي برمته.

كما أنه لا يوجد بلدٌ في العالم لم يتذوق "طعم" الديمقراطية الأمريكية , بدءاً من الهنود الحمر , وصولاً إلى ناغازاكي وهيروشيما , وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا ...إلخ , تلطخت من خلالها الأيدي الأمريكية بدماء الأبرياء , وحطمت أسوار أوطانهم , وغيرت وجوه قادتهم وأسماء بلادهم وأعلامهم. 

بالتأكيد سيكون مؤتمر القمة من أجل الديمقراطية , دليلٌ إضافي على الإستبداد الأمريكي ، وتعزيزٌ لغطرسة وهيمنة "الإمبراطورية" الأمريكية , ولا بد له أن يقود إلى نتائج معاكسة لمخططاتها الخبيثة , وسيساهم بتسريع سقوطها وأفولها .

المهندس: ميشيل كلاغاصي

3/11/2021 

No comments:

Post a Comment