Wednesday, December 1, 2021

واشنطن اختارت أعدائها .. وتحتاج من يواجه إيران بالنيابة عنها - م. ميشيل كلاغاصي

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد خروج الحليفين الإتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية منتصرين, سعت واشنطن لإقامة تحالفاتٍ جديدة, بدأتها مع أعدائها الأوروبيين المهزومين في الحرب , وكونت معهم الشراكة المتوحشة , في ظل النظام العالمي الجديد وقتها, ولعبت فيه دور شرطي العالم , الذي يخوض المعارك , فيما يضمن لها شركاؤها استمرار تدفق الأموال في خزائنها, وبقاء الأسواق الأوروبية مفتوحة أمامها, مع ضمان مكانتها التجارية ونفوذها وسيطرتها على العالم , فيما تخلت عن تحالفها السابق مع الإتحاد السوفيتي, وانتقلت من منافسته إلى عدائه .. واستمر الحال إلى حين إنهيار الإتحاد السوفيتي, وبروز روسيا الإتحادية كوريث شرعي له , وصعود إيران الثورة إلى سدة الحكم في إيران وإمساك الحزب الشيوعي الصين زمام إدارة الصين بقوة , وتحت ذرائع البنتاغون ومخاوفه من عدم إمتثال بعض الدول الاّسيوية لقواعد النظام الجديد , ابتدعت أعداءاً جدد كروسيا الإتحادية والصين وإيران , وقررت المجيئ إلى العراق للإقتراب أكثر فأكثر من إيران بشكل خاص , ومن روسيا والصين ودول غرب اّسيا واّسيا الوسطى , وانتقلت – منفردة بقيادة العالم لحوالي ربع قرن – وتقدمت نحو حروب ما بعد أحداث أيلول 2001  نحو أفغانستان , في محاولة لهندسة الصراع مع الصين وروسيا.

وفي الوقت الذي تبلورت فيه صيغة عدائها الإستراتيجي لروسيا والصين , كان اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة ، والذي يتمتع بنفوذ وقدرة على صنع السياسة في البيت الأبيض ، يدفع واشنطن إلى حرب شاملة ضد طهران ... وعليه كان لا بد لها من تقديم البروباغاندا وحشد التأييد والتحالفات ضد العدو المفترض الجديد , ففي عام 2017 ، حاولت واشنطن تشكيل تحالفٍ عسكري جديد ضد إيران بزعامة السعودية تحت مسمى "الناتو العربي" , تقوده من وراء الكواليس , فيما تدعمه "إسرائيل" بمعلوماتها الإستخبارية . 

كذلك تحاول اليوم بناء تحالف اّخر , عبر مبعوثها الأمريكي الخاص بإيران , روبرت مالي , الذي أجرى مؤخراً , محادثات مع مسؤولين من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ودول الخليج ، بمشاركة ممثلين من مصر والأردن ... ومن المهم ملاحظة أن التحالف الجديد في حال نجاحه من عدمها , يبقى قراراً أمريكياً صرفاً , وجزءاً من نهجٍ بديل للنهج الدبلوماسي المتبع حتى الاّن في تجاذبات وحلول الملف النووي الإيراني , وهذا النهج البديل شكل أساس الموقف الذي كرره وزير الدفاع الأمريكي في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر في المنامة ، خلال "المؤتمر الدولي حول الأمن في المنطقة".

لقد غيّر المبعوث مالي إتجاه التقارب الإيراني – السعودي – الخليجي , لكبح الحقوق والطموحات الإيرانية النووية السلمية , وناقش مع الحضور والمندوبين الأوروبيين ما دعاه بـ "الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة ، كإستخدام ونقل الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي أدت إلى هجمات ضد الشركاء الإقليميين" , وشجع البحرين ودول الخليج العربي الأخرى على توحيد جهودهم في معارضة إيران ، التي تتحمل مسؤولية هجمات الطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيين ضد السعودية – دائماً الكلام بحسب روبرت مالي -.

كذلك استبقت واشنطن المؤتمر الدولي للأمن , بلقاء أمريكي – خليجي وما يسمى "مجموعة العمل بشأن إيران" , وخرجوا بتوافق على أن برنامج إيران النووي شكل "مصدر قلقٍ خطير" ، كما أعلنت المجموعة أن البرنامج مهم لبرامج الأسلحة النووية وليس للأغراض المدنية , وبأن تخصيب اليورانيوم أعلى مما يسمح به الإتفاق النووي السلمي ... كما ناقش المجتمعون , - "عدوانية إيران الخطيرة" , وتزويد حلفائها بأحدث الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار ، فضلاً عن "استخدام" إيران وشركائها  هذه الأسلحة في مئات الهجمات ضد المدنيين والبنية التحتية الحيوية في السعودية ، وكذلك ضد السفن التجارية في المياه الدولية لبحر عمان , كما أشارت المجموعة إلى أن الهجمات الإيرانية تشكل خطراً على الجنود الأمريكيين الذين يقاتلون ضد "داعش".

ولأجل تبرير السعي الأمريكي لحشد المعارضة والتحالفات ضد إيران , لجأت إلى وسائل إعلامها , لإتهام طهران بشن الهجوم على قاعدة التنف – الأمريكية , رداً على "الضربات" الجوية الإسرائيلية في سوريا , وبأنه هجوم "متعمد ومنسق" بحسب تقريرالقيادة المركزية الأمريكية , وأنه يشكل خطر على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط... في حين جاء رد المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيرانية بأنهم دائماً : "يتهمون إيران دون أي دليل".

تبدو واشنطن بأمس الحاجة لخلق أوراقٍ جديدة مع كل مرحلة تصطدم فيها بفشلها العسكري والسياسي والدبلوماسي أمام خصومها وأعدائها كروسيا والصين , ولا سيما في المواجهة المستمرة مع إيران ومحور المقاومة مجتمعاً.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/11/2021

 

No comments:

Post a Comment