على الرغم من البداية غيرالمشجعة لعلاقات الإدارة التركية
الحالية والرئيس أردوغان مع الرئيس بايدن , وعلى الرغم من استمرار العقوبات الأمريكية
المفروضة على تركيا , والخلافات حول عشرات القضايا , كصفقة الـ S-400
, وبمجمل العلاقات والتقارب التركي النسبي مع روسيا , والخلاف حول الدعم الأمريكي للأكراد
في سوريا , والتي اعتبرتها أنقرة تهديداً وزعزعةً للإستقرار في جنوب شرق تركيا , وكذلك
العلاقات التركية – الإيرانية , والرفض التركي لإستمرار العقوبات الأمريكية على طهران
من بوابة الملف النووي الإيراني , وأحداث الإنقلاب عام 2016 والدعم الأمريكي لـ فتح
الله غولن , و عثمان كافالا ,.... إلاّ أنها تبقى خلافات محدودة ولا تؤثر على جوهر
العلاقات الأمريكية – التركية الإستراتيجية الأطلسية العميقة , والسعادة الأردوغانية
بالضمانة التي قدمها بايدن في مؤتمر ميونخ 2021 بأن: "اميركا عائدة والتحالف
عبر الأطلسي سيعود" وبأن :"أي هجوم على دولةٍ عضو في حلف شمال الأطلسي هو
هجوم على كافة دول الحلف" ...
ما سر العلاقة بينهما , أين تكمن المكاسب الأمريكية من المواقف
التركية عموماً , وسياسة حكومة العدالة والتنمية – الأردوغانية ... التي اختارت طريقاً
صعباً مملوء بالمغامرات والمراهنة على قدرة الجيش التركي للتحرك خارج الحدود , بالتوازي
مع ربط أماكن وصول وإنتشار الجيش التركي حيث تتواجد أوتغادر القوات الأمريكية ,
وحيث يكون لها مصالح كبرى , فهل يعمل الجيش التركي كجيش رديف أو وكيل للجيش الأمريكي
؟ في أوروبا واّسيا واّسيا الوسطى وأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والأسود وغيرها ؟
في الوقت الذي كانت حكومة الكيان الغاصب تقوم بهذه الأدوار بشكل مباشر عبر جيشها أو
غير مباشر عبر إستخباراتها أو عملائها وأدواتها .
هل قررت واشنطن إبعاد الكيان الغاصب عن الحروب والصراعات
, لكسب المزيد من رأس المال اليهودي , وأرادت لها أن تتفرغ لتكون كما رُسم لها منذ
المؤتمر الصهيوني الأول في بازل السويسرية عام 1897, دولة المصرف الحر الأول في العالم
, في وطنٍ اّمن بين إقطاعيات الشرق الأوسط , وأضافت لها لاحقاً , دوراً جديداً يواكب
العصر والمرحلة , لتكون مركزاً للطاقة والتجارة الدولية , وهي الأدوار والمشاريع التي
تحتاج إلى الهدوء ووقف الصراعات وإلى الإستقرار داخل الكيان وفي محيطه.
الأمر الذي تأخر حوالي خمسة وسبعون عاماً , بسبب مقاومة الشعب
الفلسطيني للإحتلال الإسرائيلي , والذي تحطمت على سواعد أبطاله وكافة المقاومين العرب
دول وأحزاب وفصائل مقاومة , بالإضافة للدول الداعمة والمؤيدة للحق الفلسطيني , وعلى
رأسها جمهورية إيران الإسلامية , وسط فشل "النبوءة" الإسرائيلية بأن "كبارهم
سيموتون , وصغارهم سينسون" .
وجاء اليوم مشروع التطبيع ليعيد الأمل لصفقة القرن بعد أن
تم إيقافها بالرفض الفلسطيني المقاوم , وصمود وإنتصار سوريا , وبسالة حزب الله والمقاومة
العراقية واليمنية وغيرها , بالإضافة إلى غضب الشارع العربي عموماً وعلى مساحة
الوطن العربي , فما تعرضه صفقة القرن هو الإزدهار الإقتصادي والتجاري والمالي , مقابل
صمت الحروب والأسلحة المرفوعة في وجه العدو والإحتلال الإسرائيلي إلى الأبد , وفسح
المجال للعودة ثانيةً إلى المخططات الصهيو أمريكية والغربية , عبر تأمين الأجواء
المناسبة للدور الأساسي لزراعة الكيان الغاصب على أرض فلسطين , وفي الأمة العربية
, وقلب الشرق الأوسط.
فهل قدمت تركيا - العدالة والتنمية والرئيس أردوغان , نفسها
كبديل لجيش الإحتلال الإسرائيلي , والقيام عنه بما يخدم التمدد والتواجد العسكري التركي
حيث تخطط وتريد الولايات المتحدة الأمريكية , وهذا قد يفسر السياسات الخارجية التركية
المتهورة وتكاليف وجود الجيش التركي خارج الحدود وحول العالم ؟.
No comments:
Post a Comment