اعتبر
الكثيرون أن تحالف "التوازن" الروسي – الهندي , الذي تم الاتفاق عليه خلال
قمة بوتين- مودي مؤخراً , أحد أهم التطورات الدبلوماسية خلال القرن الحالي , إذ تطمح
كل من روسيا والهند إلى تحقيق التوازن في أعقاب الحرب الباردة الجديدة بين الولايات
المتحدة والصين بشكل أساسي ، بالإعتماد على اقتراب روسيا من الصين , والهند من الولايات
المتحدة.
فقد
شكلت زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى نيودلهي للقاء رئيس الوزراء الهندي مودي , تطوراً
جيواستراتيجياً لتغيير قواعد اللعبة في سياق الحرب الباردة الجديدة , فالشراكة
"من أجل السلام والتقدم والازدهار" التي اتفق عليها الطرفان ترقى إلى مستوى
تحالف فعلي مبني على "معاهدة السلام والصداقة والتعاون" التي تم توقيعها
عام 1971 , إذ يسعى هذا التحالف إلى تعزيز
"التوازن" ما بين للقوى العظمى لتحسين تأثيرها في تشكيل النظام العالمي متعدد
الأقطاب الناشئ , ويمنحهما مرونةً كافية للتكيف مع الظروف الجيو استراتيجية المتغيرة
, مع إستمرار الحرب الباردة الجديدة.
فقد
ساعدت القمة الروسية – الهندية على إزالة الغموض وتوضيح النوايا الروسية بعدم المس
أو التعرض للمصالح الصينية ( كما تعتقد بعض الأطراف الداخلية في الهند ), في الوقت
الذي تدرك فيه روسيا بإعتبارها القوة الأكبر في أوراسيا , بأنها تتحمل مسؤولية إدارة
التوترات بين مجموعة البريكس وأعضاء منظمة شنغهاي , للتعاون من أجل مواجهة محاولات
الولايات المتحدة المستمرة لتقسيمهم والسيطرة عليهم.
يبدو
من المهم أن تمتلك بكين وواشنطن خياراً مختلفاً عن الحروب والمواجهة , ولا بد من وجود
صمام أمان يستطيع الحفاظ على التوازن , ودون الإنحياز إلى أحد الأطراف , وعليه تأتي
أهمية القمة الروسية – الهندية , كذلك عبر الدور ذاته الذي تبحث عنه موسكو في القارة
الاَسيوية , ما بين إيران ودول الخليج العربي عبر الدور الإماراتي , وفعل الشيء ذاته
ما بين أرمينيا وتركيا وأذربيجان , وغير صراعات .
هل يستطيع
الرئيس بوتين وكل المتعاونين , زراعة صمامات الأمان , وتطويق النار التي أشعلها التفرد
الأمريكي بحكم العالم ما يقارب النصف قرن , قبل إستعارها في أتون الحروب الإقليمية
والعالمية مجدداً , وتدمير العالم على "شرف" الإمبراطورية الأمريكية الماضية
على طريق أفولها , أم تحاول الولايات المتحدة ترميم جروحها الإقتصادية وهزائمها العسكرية
وتراجع سمعة ونوعية صناعاتها الحربية , وراء الستار وتحت عنوان السلام وربما خديعة
السلام كما يعتقد الكثيرون.
المهندس:
ميشيل كلاغاصي
No comments:
Post a Comment