Saturday, December 18, 2021

"تحالف التوازن".. موسكو نحو السلام وواشنطن نحو خديعة السلام - م. ميشيل كلاغاصي


اعتبر الكثيرون أن تحالف "التوازن" الروسي – الهندي , الذي تم الاتفاق عليه خلال قمة بوتين- مودي مؤخراً , أحد أهم التطورات الدبلوماسية خلال القرن الحالي , إذ تطمح كل من روسيا والهند إلى تحقيق التوازن في أعقاب الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين بشكل أساسي ، بالإعتماد على اقتراب روسيا من الصين , والهند من الولايات المتحدة.

فقد شكلت زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى نيودلهي للقاء رئيس الوزراء الهندي مودي , تطوراً جيواستراتيجياً لتغيير قواعد اللعبة في سياق الحرب الباردة الجديدة , فالشراكة "من أجل السلام والتقدم والازدهار" التي اتفق عليها الطرفان ترقى إلى مستوى تحالف فعلي مبني على "معاهدة السلام والصداقة والتعاون" التي تم توقيعها عام 1971 , إذ يسعى هذا التحالف إلى  تعزيز "التوازن" ما بين للقوى العظمى لتحسين تأثيرها في تشكيل النظام العالمي متعدد الأقطاب الناشئ , ويمنحهما مرونةً كافية للتكيف مع الظروف الجيو استراتيجية المتغيرة , مع إستمرار الحرب الباردة الجديدة.

فقد ساعدت القمة الروسية – الهندية على إزالة الغموض وتوضيح النوايا الروسية بعدم المس أو التعرض للمصالح الصينية ( كما تعتقد بعض الأطراف الداخلية في الهند ), في الوقت الذي تدرك فيه روسيا بإعتبارها القوة الأكبر في أوراسيا , بأنها تتحمل مسؤولية إدارة التوترات بين مجموعة البريكس وأعضاء منظمة شنغهاي , للتعاون من أجل مواجهة محاولات الولايات المتحدة المستمرة لتقسيمهم والسيطرة عليهم.

يبدو من المهم أن تمتلك بكين وواشنطن خياراً مختلفاً عن الحروب والمواجهة , ولا بد من وجود صمام أمان يستطيع الحفاظ على التوازن , ودون الإنحياز إلى أحد الأطراف , وعليه تأتي أهمية القمة الروسية – الهندية , كذلك عبر الدور ذاته الذي تبحث عنه موسكو في القارة الاَسيوية , ما بين إيران ودول الخليج العربي عبر الدور الإماراتي , وفعل الشيء ذاته ما بين أرمينيا وتركيا وأذربيجان , وغير صراعات .

هل يستطيع الرئيس بوتين وكل المتعاونين , زراعة صمامات الأمان , وتطويق النار التي أشعلها التفرد الأمريكي بحكم العالم ما يقارب النصف قرن , قبل إستعارها في أتون الحروب الإقليمية والعالمية مجدداً , وتدمير العالم على "شرف" الإمبراطورية الأمريكية الماضية على طريق أفولها , أم تحاول الولايات المتحدة ترميم جروحها الإقتصادية وهزائمها العسكرية وتراجع سمعة ونوعية صناعاتها الحربية , وراء الستار وتحت عنوان السلام وربما خديعة السلام كما يعتقد الكثيرون.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

13/12/2021 

No comments:

Post a Comment