Wednesday, January 26, 2022

طهران وموسكو والتحالف الإستراتيجي الدائم - م. ميشيل كلاغاصي


"استراتيجية الهيمنة" والضغط الأقصى الذي اختارته الولايات المتحدة فشلت وأدت إلى إضعاف موقف واشنطن , وحلفائها في الناتو.. هكذا وجه الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي رسائل طهران وحلفائها من موسكو...

هي القمة التي أزعجت واشنطن , ودفعتها للإسراع بمفاوضات الملف النووي الإيراني في جنيف , ولطلب الوساطة الروسية لإقناع إيران بتسريع الخطى والتوصل إلى إتفاق جديد , ولم تكتف بذلك فقط , بل قامت بسحب أحد أهم صقورها من فريق التفاوض , وأعلنت استعدادها للتفاوض المباشر مع إيران , إجراءاتٌ أمريكية تسببت بإنقسامات وخلافات مع المجموعة الأوروبية المفاوضة , في وقتٍ يجري الحديث فيه عن احتمالية إنسحاب الفريق الفرنسي.

فقد وصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أعلى مستويات التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي , في مواجهة موسكو وحلفائها , وحان وقت التفكير الجدي بالتراجع أمام الصلابة الروسية والإيرانية والصينية , في عشرات الملفات العالقة , لتفادي المواجهة العسكرية المباشرة , التي تعرف واشنطن كيفية إشعالها , لكنها لا تعرف إلى أين ستقودها , وكم سيكون مؤلماً مجرد التفكير بهزيمةٍ أمريكيةٍ كبرى , تضاف إلى سلسلة هزائمها منيت بها خلال الفترة الماضية.

فقد كانت زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى موسكو , غنية ومثمرة , وبحسب الكرملين ، شملت محادثاتها مجموعة واسعة من قضايا التعاون الثنائي ، والقضايا الدولية والإقليمية الحالية ، وتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

إن نجاح الزيارة والقمة , يعود إلى الإمكانات التي يمتلكها كلا البلدين , ولتوفر الأرضية الجاهزة لتطوير العلاقات الإقتصادية والسياسية والتجاربة , بالإضافة إلى العلوم والثقافة والعديد من المجالات الأخرى التي وفرتها العلاقات التاريخية , ووثيقة التعاون الإستراتيجي التي تمتد إلى 20 عاماً قادمة.

بالتأكيد ستشكل هذه بالتكيدهذه الوثيقة الأساس الذي يحدد التفاعل الإستراتيجي بين الجمهورية الإسلامية والإتحاد الروسي على المدى الطويل , وستقدم الدعم الكافي لكيهما في مواجهة الغرب – بحسب الرئيس الإيراني- , الذي شدد على "عدم وجود أية قيود , تؤثر على تطوير وتوسيع العلاقات مع الدولة الروسية الصديقة , والتي ستتحول إلى علاقات استراتيجية ودائمة " , وأكد على طبيعة المصالح الإيرانية – الروسية المشتركة , وعلى التعاون في المنطقة , الذي سيضمن الأمن , ويمنع القطبية الأحادية في العالم.

ولأن الروايات الأمريكية والإسرائيلية المضللة لم تكف حديثها عن النوايا الإيرانية النووية , شدد الرئيس الإيراني على أن امتلاك وتطوير الأسلحة النووية ليس جزءاً من استراتيجية إيران الدفاعية , وأنها مستعدة للتفاوض بشأن برنامجها النووي إذا كانت الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى مستعدة لرفع العقوبات التي كانت مفروضة في السابق على إيران ( إدارة الرئيس دونالد ترامب ).

وفي حديثه أمام مجلس الدوما الروسي ، أوضح الرئيس الإيراني , موقفه حول تطوير العلاقات بين موسكو وطهران حول مكافحة الإرهاب , وأكد أن تعزيز العلاقات الإيرانية الروسية بكافة أشكالها , والتي من شأنها – بحسب الرئيس الإيراني - دفع التنمية الإقتصادية إلى مستويات متقدمة , وتساعد في إحلال السلام في المنطقة ككل , وهذا بدوره يضاعف مهمة ومسؤولية التعاون بين برلماني البلدين لضمان تنفيذ القرارات التي تم التوصل إليها على أعلى مستوى بين قادة البلدين.

على الرغم من عدم توقيع اتفاقيات علنية بين روسيا وإيران خلال هذه الزيارة ، إلا أنها حظيت بتقدير كبير في البلدين ، وأمام دول العالم , خصوصاً وأنها أكدت على تدهور النظام العالمي - الأطلسي الذي تقوده واشنطن , وأثره السلبي على بناء عالم جديد متعدد الأقطاب , كحقيقة لم يعد بالإمكان تجاهلها.

أخيراً ... استطاعت الزيارة التعبير عن رغبة طهران في الحصول على المزيد من الدعم الروسي والصيني وليس من الدول الغربية , وأن الخيار الإيراني بالإتجاه شرقاً , جدي وحقيقي ولا بديل عنه , وهي تسعى نحو الحصول على العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون , وتؤكد عزمها للعمل بشكل وثيق الاتحاد الآسيوي , فكما وقعت إيران اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الصين , ها هي تنطلق اليوم نحو موسكو بشراكة استراتيجية دائمة , تعزز العلاقات الإيرانية الدولية مع حلفاء موثوق بهم , وتعزز مكانة إيران في المنطقة والعالم.

المهندس: ميشيل كلاغاصي

25/1/2022

 

No comments:

Post a Comment