في محاولة مكشوفة لكسب المزيد من الوقت , أكد الوزير بلينكن بأنه: “لا توجد
خطط لعقد اجتماع مباشر بين الرئيس بايدن ونظيره الروسي ، بوجود الحشود
العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا” , وأبدى استعداد بلاده “في أوائل
العام المقبل” للتفاعل الدبلوماسي, ولخوض مفاوضات أمنية مع موسكو على أساس
ثنائي ، عبر الحوار الحالي للإستقرار الإستراتيجي مع روسيا ، من خلال مجلس
الناتو وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا
وفي تبادل واضح
للأدوار , رفض رئيس حلف الناتو بنس ستولتنبرغ , مسودة المقترح الروسي ,
بحجة ضرورة التشاور مع دول الناتو الأوروبيين وحكومة أوكرانيا , واستخدم
لغة الوعيد ليرفع منسوب التصعيد بقوله: “أي عدوان آخر ضد أوكرانيا سيكون له
ثمن باهظ للغاية، سنواصل دعم أوكرانيا سياسياً وعملياً، وسندافع عن سيادة
ووحدة أراضي أوكرانيا، وحقها في اختيار طريقها”
بالمقابل قدمت روسيا
مسودة أمنية , دعت الناتو من خلالها الناتو للإبتعاد عن حدودها , ووقف
محاولاته لضم أوكرانيا , وحددت ضمن بنود مسودة الإتفاقية خطوطها الحمراء
وعلى الملاء , وطالبت واشنطن وحلفائها بتخلي الناتو عن التوسع شرقًا وبعدم
ضم دول الإتحاد السوفيتي السابق للحلف , وبعدم إنشاء قواعد عسكرية فيها وفي
الدول غير الأعضاء في الناتو وعدم التعاون مع هذه الدول
وبإنتظار
العام المقبل ( المهلة التي أشار إليها بلينكن ) لم تتوقف روسيا عن حشد
قواتها بقوة , على وقع رد بوتين “بإتخاذ تدابيرعسكرية وتقنية إنتقامية
مناسبة” على التهديدات والممارسات الغربية “غير الودية” التي تحصل على
“عتبة دارنا” بحسب وصفه , لكنه في الوقت ذاته , أكد رغبة بلاده “بتجنب
إراقة الدماء” وبالحل عبر “الوسائل السياسية والدبلوماسية” , على الرغم من
عدم إرتياحه للضمانات الأمريكية , التي قد “تنسحب منها بكل سهولة وتصبح
فجأة خارج دائرة إهتمامها” .. فهل سيقبل الناتو دعوة بوتين للمحادثات
“الجدية” , وهل سيكون هناك “إحتواء للتصعيد ” واستجابة للنداء الأول
للمستشار الألماني الجديد أولاف شولتس .. هل اقتربت ساعة الصفر؟ أم سيُمنح
بلينكن فرصة الأعياد ورؤية سانتا كلوز وهدايا العام الجديد من خلف تحضيرات
السلم أم الحرب ؟
من خلال هذه الأجواء يبدو أن لجوء وزارة الخارجية
الروسية لنشر مسودة الإتفاقيات بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال
الأطلسي بشأن الضمانات الأمنية , يعتبر بمثابة الإنذار الأخير.. وعليه أكد
المتحدث باسم الكرملين استعداد بلاده “لبدء مفاوضات الضمانات الأمنية غداً ”
في إشارة لهدر الوقت الثمين الذي طالب به بلينكن , كذلك عبر المرونة
الروسية في التعامل مع نصي المسودة , وأنهما لم يوضعا “وفقًاً لمبدأ
القائمة ويمكن اختيار أحدهما أو الآخر” – بحسب نائب وزير الخارجية الروسي
من خلال مسودة الإتفاقية مع الناتو, تبدو النوايا الروسية واضحة لجهة
الرغبة بالتوصل إلى حلول دبلوماسية وسلمية , بعيداً عن الخصومات والتهديد
بالقوة , كذلك تسعى المسودة الروسية للإتفاق الأمني مع واشنطن , إلى عدم
لجوء كلا الطرفين لإستخدام أراضي دول أخرى لإعداد أو شن هجمات متبادلة ,
وهذا يفترض بالضرورة وقف التدريبات , وسيناريوهات استخدام الأسلحة النووية ,
ونشرها خارج أراضيهما
إن التباين الشاسع بين سياسة كلاً من موسكو
وواشنطن , لطالما دفع هذه الأخيرة إلى إعتماد سياساتٍ غوغائية , بعيدة كل
البعد عن دعم الإستقرار في العالم , والقفز على مبادئ حقوق الإنسان
والديمقراطية وسيادة القانون , الأمر الذي يدفع الساسة ووسائل الإعلام
الروسية , لعدم التفاؤل بموافقة واشنطن على المسودات , مع رفضها منح بوتين
والدبلوماسية الروسية فرصة الإنتصار, في تكريسٍ واضح لسلوكها ونهجها “غير
الودي تجاه روسيا الذي يخلق أجواءً سامة تحول دون تواصل هادئ ومهني بين
البلدين” – بحسب الوزير سيرغي لافروف
ميشيل كلاغاصي
24/12/2021
No comments:
Post a Comment