Wednesday, January 26, 2022

هل تستوعب تركيا الدروس الروسية ؟ - م. ميشيل كلاغاصي

من خلال محاولة الإنقلاب الذي حصل في كازاخستان مؤخراً تحت عنوان "الثورات الملونة" و "الشعب يريد" , يعتقد الكثيرون أنه على تركيا إعادة النظر في استراتيجيتها في عموم آسيا الوسطى , وبتقاربها وبعلاقات التعاون مع روسيا بشكلٍ خاص , فهل تكون تركيا – أردوغان عاقلة بما يكفي لتسير وراء مقولة الحاجة أم "الإختراع".

بالعودة إلى تشرين الثاني/ نوفمبر2021 ، حيث تم تغيير اسم المجلس التركي برعاية أنقرة , إلى منظمة الدول التركية ، وتم اعتماد برنامج "الرؤية التركية 2040" مؤخراً ، أصبح من الواضح أنه لن يكون من السهل التعايش بعد الاّن تحت مظلتين روسية وتركية باّنٍ واحد , وبات واضحاً أن الجهة النهائية لرسائل أنقرة هي موسكو.

على الرغم من مشاركة كازاخستان بفكرة إنشاء المجلس التركي عام 2009 , وما يعتقده البعض من خيبة أمل يرفان - حليف موسكو في معاهدة الأمن الجماعي - أثناء ما سمي بـ "حرب كارباخ الثانية" , روج بعض المستفيدين في تركيا , ومن يلوذون بها في كازاخستان وعموم الفضاء السابق للإتحاد السوفيتي , على أساسٍ إيديولوجي يرتبط مباشرةً بتركيا الإمبراطورية وتركيا – أردوغان الحالية , بأن معاهدة الأمن الجماعي تحولت إلى "نمر من ورق" ، من خلال تسرّعهم بإطلاق الأحكام , دون فهمٍ عميق بعيد المدى , لفعالية المعاهدة , ومقدار إلتزام موسكو بها.

واليوم وبعد ما شهده العالم من إلتزام وفعالية كبيرة للمعاهدة , يبدو أن موسكو نجحت في إنتزاع زمام المبادرة من أيدي الأتراك في فضاء ما بعد الإتحاد السوفيتي ، مؤكدةً على جدارة الرهان على علاقات موسكو طويلة الأمد مع دول منظمة الأمن الجماعي , وجميع جيرانها .

فَشِلَ الإنقلاب وبدأت الدول بتقييم ما حدث , ومهما كانت النتائج , إلاّ أنه لا يمكن تجاهل , نجاح موسكو بإسقاط المؤامرة الخارجية والداخلية , ومنع حدوث الإنقلاب في كازاخستان بسرعة كبيرة , لولا إلتزام موسكو وباقي أعضاء منظمة الأمن الجماعي ببنود المعاهدة ... وتحدثت  صحيفة يني شفق التركية , عن النفوذ الروسي الذي ظهر جلياً في دول اّسيا الوسطى حتى بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي , في وقتٍ راهن الكثيرين على تلاشيه , ورأت الصحيفة حاجة تركيا الماسة للحفاظ على العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة , والإهتمام بما تقدمه روسيا إلى تركيا , كبناء محطة الطاقة النووية , واستمرار تزويدها بالغاز , وبتجارتها وعلاقاتها الإقتصادية معها , وبإمتلاء فنادقها بالسياح الروس , سيكون أفضل بكثير من المواجهة العسكرية المباشرة.

خصوصاً بعدما خلص إجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء والدول المراقبة في منظمة الدول التركية , وفي بيان , إلى تسمية ما حصل في كازاخستان بـ "العمل الإرهابي" , وأشار البيان إلى أهمية مراعاة القواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي ، كما أكد على دعم القيادة الكازاخية في عمليات مكافحة الإرهاب ضد الإرهابيين والمتطرفين والمجرمين , الذين حاولوا انتهاك النظام الدستوري في البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أهمية ما أعلنته وسائل الإعلام التركية , وشخصياتٌ سياسية وعامة في تركيا ، عن دعم الشروط التي طرحتها موسكو على الرئيس الكازاخي السابق نور سلطان نزارباييف , في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي , من بينها "الاعتراف بشبه جزيرة القرم" و "توفير قواعد عسكرية لروسيا" و "استعادة اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية".

يبدو أن السلطات التركية بدأت تدرك أن الكرملين لن يسمح بالتدخل والعبث في مناطق مصالحه الوطنية وأمنه القومي والحيوي , وقد أكدت موسكو في أحداث كازاخستان , وفيما يحصل على حدودها مع أوكرانيا , أن ردود أفعالها على الأحداث الدولية , أصبح نموذجاً بالنسبة للعلاقات الروسية – التركية , وأن تحدي تركيا لموسكو لن يكون أمراً عادياً , ولن تدعه موسكو يمر مرور الكرام , خصوصاً مع إعتبار عددٍ كبير من الروس أن تركيا عدو سياسي , وعدو إيديولوجي ، يبحث دائماً عن تدمير الأمة الروسية.  

المهندس: ميشيل كلاغاصي

26/1/2022

 

No comments:

Post a Comment